لا تخضع النفس العزيزة لنوائب الحياة ولا تذل لها، مهما عظم خطبها وجل امرها بل على العكس تماما ;كلما ازدادت صعوبة المواقف ازدادت قوة ومراسا ; وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر; فيصبح كبرياؤها مانعا للحظ السهل فلا تقبل الا ما جاهدت في سبيله ;وتعبت للحصول عليه; وقد وصانا ديننا الحنيف على الكد والعمل لقوله تعالى في سورة التوبة: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) والاتقان لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: رحم الله امرأ عمل عملًا فأتقنه وعن الامانة والمسؤولية والتفاني اداء المهمة على أكمل وجه عن واحترام الذات واحترام الاخر; هذه النفس ذاتها التي تربت على الاجتهاد والمثابرة ترفض تماما الخضوع والمساس بكرامتها وحريتها وتقزيمها. والمساومة في التزاماتها الاخلاقية
ولتوفير قوتك اليومي يفرض عليك المجتمع العمل وفق نموذج معين، وقوالب محددة، وذلك تبعا لنمط الدراسة المتوفر في بلدنا. سنوات عجاف من الكد والعمل للحصول على عمل قار وثابت، داخل اطار وظيفة ترتادها كل يوم طوعا او كرها مقابل مبلغ مادي هزيل وثابت، ترتادها كعبد من درجة فارس، لشركات رأسمالية متوحشة. ناهيك عن أنواع المدراء والرؤساء الذي تلتقي بهم. خصوصا في البدايات منهم من يستغل منصبه لإشباع غرائزه السلطوية. منهم من يستمتع بألقاء خطبه العصماء. ناهيك عن التحرش وتحسيس الاخر بالدونية. لا أعمم طبعا فهناك رؤساء يستحقون كل الاحترام والتقدير لكفاءتهم العالية وحسن تدبيرهم. غير ان الواقع المعاش يفرض عليك الاحتكاك بكل انواع البشر
من كان يظن أن العبودية حقًا انقرضت وولت منذ ألاف السنين، فهو حتمًا لم يدرك المعنى التام لما تشمله الكلمة من معاني. فالعبودية هي عقد تملك لشخص على أخر مقابل مبلغ من المال وسلبه حريته وهو نظام قاسي استمر لفترات طويلة من عمر الإنسانية ويقال أنه انتهى مع تعالي الأصوات المنادي لحقوق الإنسان في أواخر القرن التاسع عشر
في الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن العبودية تمثل جزء من الماضي الأليم، هناك ملايين من الأشخاص في العالم الحالي يعيشون تحت ظروف تجعل منهم سلع قابلة للاستغلال الشبه مجاني
و قد أكد العالم الكبير (فريدريش نيتشه) •"اليوم، وكما كان الوضع دائما، ينقسم الناس إلى مجموعتين: عبيد وأحرار. ومن لا يملك ثلثي يومه لنفسه فهو عبد، أيا ما كانت وظيفته: رجل دولة، رجل أعمال، موظف، أو عالم"
ويقول كارل ماركس الذي لا اتفق مع اغلبية افكاره الذي يرى أن المجتمعات الإنسانية تقوم جوهريا على العبودية، حيث ينقسم البشر بطبيعتهم إلى فئتين: فئة مالكة وفئة مملوكة، ويرى أن "المجتمع والعبودية وُلدوا معا". ومن ثم يصبح السؤال بالنسبة إليه ليس في وجود العبودية من عدمها وإنما في شكل العبودية التي يقوم عليها التقسيم الطبقي للمجتمع
و في عدة محاضرات يؤكد المفكر الأميركي المرموق ناعوم تشومسكي على الفروقات البسيطة بين عبودية الرقيق وعبودية الموظفين، فيقول في أحد لقاءاته: "قديما كان الرقيق يُباعون ويُشترون، أما الآن فإن البشر يُؤجرون. ولا يوجد فرق كبير بين أن تبيع نفسك وأن تؤجر نفسك[12]
وبعد التامل في كل ما يقولونه يمكن الجزم أن الانسان يمكن ان يضطر للعمل في الوظيفة في بداية مشواره المهني. وهو أمر مقبول لاكتساب الخبرة والاحتكاك مع مجال العملي وكسب رأس مال لبداية مشروع خاص ولتصبح اكثر جلدا وقوة
قد يتطلب الامر شجاعة ومخاطرة. ولكن لامفر
رسالتي
ضع شهادتك جانبا ولا تستعملها الا كوسيلة حتى لا تعيش رهينة وظيفة تقتل فيك الحياة. واعلم ان الهدف
الرئيس من التعليم والتعلم هو اكتساب المهارات اللازمة للإقبال على الحياة، لا لإقبارها داخل روتيني يومي قاتل؛ أبدع، تطور وأنتج وعش بكرامة