دستور أمي
"أمي أشهدُ أن لا أماً إلا أنتِ"
نشر في 02 غشت 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إلى من سألتها ذات مرة عن مشروعها القادم في الحياة، وتفاجآت بردها: "أنتم مشروعي"، إلى من علمتني أبجدية الحروفِ والحياة، إلى حبي الأول، الحبٌ الذي لم ولن ينضب، إلى قلبها الطاهر، أتحدث هنا عن امرأة عظيمة ومدهشة بكل تفاصيلها، أتحدثُ عن "أمي".
أعلمُ تماماً بأنّ مابذلتهُ من جهود لأجلي، بمثابة دين يجب أن أرده، لإنني أدركتُ دوماً أنها تحاول أن تصنع مني شخصاً أفضل، حتى وإن تطلّب الأمر بعض التضحية، فهي على استعداد لذلك، ولأجلِ ذلك أحببتُ أن أشارككم ما أسميه "دستور أمي":
▪️أخبرتني أن رضا الله وأداء الواجبات تجاهه هي المفتاح الأهم لأي إنسان ناجح، ودليل ذلك.. جميع عظماء أمة الإسلام ستجد أنّ علاقتهم بالله متينة.
▪️علمتني أني مجرد صفر في هذه الحياة إن لم أُضف عليها بصمة يخلدها التاريخ.
▪️علمتني أن استشعار مراقبة الله في السر والعلن والإيمان به شرط كي أعيش بطمأنينة وسلام.
▪️علمتني أن أقدر نفسي ولا أنتظر التقدير من الآخرين، ولا أستمد قوتي منهم.
▪️علمتني أن حوار الآخرين هو حوار عقولهم، وأن أجابههم بأفعالي لا بكلامي.
▪️أخبرتني أن لا أخوض جدالاً لافائدة منه، ولا أبرر أفعالي إن كنتُ مؤمنة بما أفعله.
▪️علمتني أن أثق بما أقول، وأتأكد مما أنقله عن غيري.
▪️علمتني أنَّ المجد يبلغه من يؤمن بقدراته ويثق بذاته، ولايهزمه شيء طالما أنَّ الإيمان ينبع من داخله.
▪️علمتني دوماً بأن أحل خلافاتي على هوادة، وأتوقف عن خلط الأمور بحماقة.
▪️أخبرتني أن الصدق قليل من يوفق فيه، ومهما كانت العواقب أتذكر بأنّ الله رقيبٌ علي في كل خطواتي، علمتني أن أدعوه وأناجيه حين تخورُ قواي.
▪️علمتني أنه حتى إذا كان أسلوب الحاقدين سيء ومستفز، لا أنزل إلى مستواهم، وأتعامل معهم بالتي هي أحسن.
▪️علمتني أن العطاء يبدأ من الداخل، والعطاء الحقيقي عندما أتعلم كيف أعطي نفسي الحب والاهتمام أولاً.
▪️علمتني أنّه في هذه الحياة تحديات وصراعات يجب علينا مواجهتها بشجاعة، وحينما نواجه صراعاتنا الداخلية، نصبح أقوى لمواجهة التحديات في الحياة الواقعية.
▪️علمتني أني والحياة كسفينة يقودها قبطانها، أما أنا القبطان، والحياة هي السفينة، والعقل هو من يديرها، والقلب بوصلتها، أما الشراع فهو قوة الإرادة، وذلك البحر الهائج أحياناً والهادئ أحياناً أخرى يمثل تحديات الحياة.
▪️علمتني أن الإنسان كالمحيط، فكلما تعمق في التعرف على نفسه، وجد كنوزاً لم يدركها مسبقًا.
▪️في أشد أوقاتي ألماً وضعفاً، أخبرتني أنني بين خيارين: إما أن أنتصر أو أنتصر، ولامجال للهرب.
▪️أخبرتني أن السعادة الحقيقية تنبع من الداخل، وإذا كانت بسبب المؤثرات الخارجية فقط فهي سعادة مؤقتة.
▪️علمتني أن لا أيأس ولا أمَّل، أسعى لأجل هدفي دونما كلل، ولا أبالي بالصعابِ فما من أمرٍ جلل، إن كنتُ أسعى بتفانٍ وأتنفسُ الإيمان والأمل، لقد اعتادت إخباري بأنني أستطيع تحقيق مايراه الآخرون محال، طالما أؤمن بأنّ رب العباد سخر لعبادهِ الكون بأكملهِ، وميزهم بالعقل.
▪️علمتني أن الذكي يعرف متى يصمت، والحكيم يعرف متى يتحدث، وأن الجدال مع ضيقي الأفق مضيعة للوقت.
▪️علمتني أن أوفي للصديق حقه، والسائل في حاجةٍ تهمه لا أرده.
▪️علمتني أن الابتسامة ليست صدقة وحسب، بل مفتاح لكسب قلوب الناس.
▪️علمتني أن العفو عمن أساء إلي من شيمِ الكرام، والاعتذار ليس مذلة، إنما من أخلاقِ الكبار.
▪️علمتني أنني شخصٌ عابر فوق الأرض، وعمري يمضي كالومض، والفرص لاتنتظرُ من يطرق أبوابها، علمتني دوماً أن أهدم كل صروح الخوف، وأنثر عني غبار اليأس.
في كتاب "سوار أمي" كتب المؤلف: "أما أمي فلم تكن صاحبة مال حتى تحقق أحلامي، ولكنها كانت صاحبة قلبٍ عظيم، لمّا عجزتُ عن تحقيق أحلامي.. جعلتني حلمها، وسعت في تحقيقي."
فيضٌ من الحب والحنان، نهرٌ من الحبِ والعطاء، تلك هي "أنتِ" ياأمي باختصار، لاتصفك الكلمات، ولاتكفي الصفحات لأعبر عن امتناني لك، ومهما فعلت لن أوفيك عشر معشار ماقدمتهِ لأجلي، فخورة بكِ يا أمي المدهشة.
في الثانية عشر من عمري أخبرتني أمي بأنّ أحد أمنياتها أن أكون لها السند والصديقة، وأن ترى ثمرة جهودها بعين الحقيقة، وهنا أود إخباركم بأنني ابنةٌ لأمٍ عظيمة، لمن يملكُ أماً تأمل عينيها جيداً وأخبرها كم أنك تحبها، أما إن فارقت الحياة ادعُ لها دوماً واصنع الخير عنها أينما حللت، فلتكن زهرةً لاتذبل وشعلةً لاتنطفئ، إن لم يكن لأجلك، فليكن لأجلها كأدنى تقدير، كن بحجم الثقة التي وضعتها فيك، وإن لم يكن فاصنع حبلاً متيناً من الثقة بينكما، ولتكن وفياً محباً لها بقدر نبضاتِ قلبك في كلِّ آنٍ ولحظة؛ فبرأيي الجهود التي تبذلها الأم لأجل أبنائها تعد تضحية كبيرة منها، فلنكن أنا وأنت لها السند والعون، لنكن جديرين بالثقة وبتلك النعمة، وأخيراً أعيد ماخطتهُ الكاتبة "نيفين محسن عبد الهادي": "أمي أشهدُ أن لا أماً إلا أنتِ".
-
أفنان راشـدكاتبة| أؤمن بما يخطه قلبي| مُدونة| مدققة لغوية| أنا لهذهِ الأمةِ بنّاء، ومن كان بنّاء فعليه أن لايستريح.
التعليقات
موضوعك عامر بالمشاعر الرقيقة ، والحكم البليغة ، والقيم الاصيلة .. والدروس والعبر العميقة .. اقف احتراما لاسلوبك النقي في التعبير ، وأصالتك ووزانتك في التفكير .
موفقة ان شاء الله ، ودام قلمك نديا وسخيا بمثل هذا التميز .
امضاء الاستاذ محمد خلوقي من المعرب
▪️أخبرتني أن السعادة الحقيقية تنبع من الداخل، وإذا كانت بسبب المؤثرات الخارجية فقط فهي سعادة مؤقتة.
فعلًا منّا من يضع يديه تحت ذقنه منتظرًا ما يسرّه ويبهج خاطره، خبر، أو رسالة، أو تفوق، ولم يدرك هذه الحقيقة التي قد علّمتك إياها مدرسة الأخلاق.
بورك فيكِ.