وَاصِل.. بِلا فَوَاصِل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وَاصِل.. بِلا فَوَاصِل

الإرادة القوية عصب النجاح.

  نشر في 20 يوليوز 2017 .

ليس هناك موهبةٌ عظيمةٌ دونَ إرادةٍ عظيمة، وربما علينا أن نستخرج من داخلنا حرارة الصيف بينما نقاسي صقيع الشتاء، وهذا رغم صعوبته إلا أنه يحمل الكثير من مقومات النجاح. كثيرًا ما تمتلك طاقة تسعى لتفعيلها بغية الوصول لهدف ما، لكن فتور من حولك يصيبك في مقتل؛ فتتنازل عن حلمك لمجرد أنَّك لم تحظَ بالتحفيز الذي تحتاجه. إذا بلغك أن عددًا كبيرًا من الناس أقعده عن سعيه عدم تشجيعِ الآخرين له؛ فمن الطبيعي أن تسعَ لاغتنام تشجيعهم وهو أمرٌ غاية في الصعوبة، أو أن تختار امتلاك ميزة تشجيع نفسك وتحفيزها باستمرار وهذا هو الأفضل لك. قديمًا قالت العرب: إذا عَظُمَ المطلوبُ قَلَّ المُسَاعِدُ؛ فاهتم أنت بتحفيز نفسِك لتصل لقمة نجاحك دون تكبُّدِ الكثير من المتاعب.

لا ريب أنه من نام على فراش الكسل أصبحَ مُلقى على بوادي الأسف، فكثيرٌ ممن تخاذلوا عن ملاحقة أهدافهم في الحياة لن يروقَ لهم رؤيتك تمضي في طريقكَ بخطى ثابتة. وليس الأمر قاصرًا على الأنفس الضعيفة التي ابتلينا بها اليوم، الأمر أكبر من ذلك وأنت تعلم، فأنت تذكر جيدًا أنَّ ابن عباس -رضي الله عنه- حين عزم على طلب العلم وهو صبي فإذا بأحد أقرانه يود أن يُثنيه عن ذلك قائلاً: وماذا تجني من طلب العلم يا ابن عباس؟ قال ابن عباس: أن أصبِحَ عالِمًأ؛ فلم يتوان الصبي الكسول عن الرد وبلهجةٍ يكسوها الاستخفاف: تُريدُ أن تصبِحَ عالِمًا وفي الناس أبو بكرٍ وعمر؟!! وأنت يا صديقي لن تفلت من ألسنة أمثالِ هذا الصبي الكسول مهما حاولت، ولك أن تختار إما أن ترضخ لهم وإما أن تواصل مسيرتك لتبلغ وجهتك تمامًا كما فعل ابن عباس. أيضًا لا يخفى عليك ما لاقاه عبد الملك بن قريب بن أصمع من جارِه البقال، فلم يدخر البقال جهدًا في التقليل من أهمية العلم في حياة عبد الملك ولم يتحرج مطلقًا في الاستهزاء به إلى أن بزغ نجم عبد الملك ليصبح الأصمعي العلم؛ وعندها عضَّ البقال على إصبع الندم، وتنفسَ الأصمعي الصعداء حينها وتوقف البقال عن ازدراءِ الأصمعي ليتحول إلى أحد أشدِ المعجبين به، وعند الصباح يحمدُ القومُ السُرْى.

أرسل توماس إديسون رسالةً إلى مكتب براءات الاختراع في واشنطن يخبرهم فيها أنه يعمل على ابتكار مصباحٍ يعمل بالكهرباء؛ فنصحه المكتب بعدم الاستمرار في مشروعٍ كهذا، وكتبوا له خطابًا ليثنوه عن عزمه جاء فيه: «إنها بصراحةٍ .. فكرةٌ حمقاء؛ حيث يكتفي الناسُ عادةً بضوءِ الشمس». كان هذا رد مكتب براءات الاختراع؛ فما بالك بعوام الناس لو نما إلى سمعهم مثل ذلك؟! هنا كان إديسون بين خيارين؛ إما أن يقول: هذا رأيٌ سديد، ولا حاجة لإرهاق نفسي وإضاعة وقتي في عملٍ كهذا، أو أن يكون إديسون يمتلك من الشغف الذاتي بالأمر وإيمانه بأهمية فكرته وابتكاره ما يردعُ به الفتور الذي أصابه جراء أقوال مكتب براءات الاختراع. هنا تتجلى الإرادة العظيمة لتدفع أصحابها نحو أهدافهم حين يتخلى عنهم الجميع، فيكتب إديسون خطابًا يرد به على مكتب براءات الاختراع يقول فيه: «ستقفون يومًا لتسديدِ فواتير الكهرباء».

حاولوا أن يوهنوا من إرادته وأن يجلدوا همته بسياط السخرية والتقليل من أهمية عمله؛ فلم يتمكنوا من ذلك بأي شكل والسبب أنَّ الناجح لا يستمد طاقته من الخارج، بل يستمد تحفيزه ودعمه من داخله. ترى الناجح كالتفاعل الطارد للحرارة؛ لا يحتاج لحرارة تقوم بدور عامل مساعد في إتمام التفاعل، وإنما تمتلك من الحرارة ما تخرج عند تفاعلها مع غيرها. هل سمعت من قبل الحقيقة القائلة: الحماسة تُعدي؟! هذا ما يُجسِدُه الناجحون بحذافيره؛ لا يستلهمون حماستهم من غيرهم على عكس الكُسالى والخاملين. ينقل الناجحون حماستهم لغيرهم كما يقوم التفاعل الطارد للحرارة بنقل حرارته للوسط الذي يتواجد فيه.

حتى لو أجمعَ الناس على ضعف جدوى مساعيك التي تمارسها؛ فهذا ليس مبررًا للتخلي عن أحلامك وطموحاتك لمجرد أنها لم تلقَ قبول الناس. قد يكون فيما يردده الناس من تشكيكٍ في قدرتك على بلوغ هدفك نوع من الإحباط، لكنَّك أذكى من ذلك وتدرك أنَّ العقبات أحد المحركات الأساسية للناجحين؛ وعليه فلا تتخاذل وامضِ في طريقك بإرادة صلبة وعزيمة قوية. ربما يكون في تخذليهم لك فرصة للوقوف مع النفس، وإعادة تحليل نقاط القوة والضعف في هدفك الذي تتعاطاه، ولا يقدح ذلك في ثقتك بنفسك وإنما هو من باب تأكيد الثقة. من البديهي أنَّك قمت بتحديد هدفك تأسيسًا على قدراتِك وملكاتِك وقد وازنت بين نقاط القوة والضعف، وعقدت مقارنة بين الفرص والتهديدات، وكلُّ ذلك يصُبُ في مصلحتِك ولكن المراجعة بين الحين والآخر تدعم هدفك لتجد من الدوافع الإيجابية ما تتقوى به على محاولات التراجع.

قد تسأل باستهجان: لماذا يحارب هؤلاء أهدافي؟ والجواب يسير يا صديقي؛ فأنت تعلم جيدًا أن تفاوتًا كبيرًا في عقول البشر، منهم عقول صغيرة لها اهتمامات محدودة وصغيرة، وهؤلاء لا يستوعبون المهام الكبيرة والأهداف العظيمة، كانت اختياراتهم ضيقة وقد يكونوا أساؤوا الاختيار، ومن ساء اختياره قبُحَت آثارُه، وقد لزموا الرقاد فحُرِموا المُراد. أنت ما دمت تريد بلوغَ هدفٍ جليل في حياتك، فاصمُم الآذان عنهم وافتح عيونَك لتفهم ما يدور دون الانزلاق في متاهة الخوض معهم في مساجلات رخيصة. والناس يحكمون على الأمور من خلال خبراتهم الشخصية والحياتية؛ فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصورِه، ولذلك قال مالكوم إكس: أرى أن السجن يأتي بعد الجامعة مباشرةً كأنسب مكان لمن يريد أن يفكر، قال ذلك لأنه خاض هذه التجربة التي أثرت إيجابيًا في حياته. من يحارب أهدافك قد يكون سلك نفس مسارك ولكنه لم يمتلك من الشغف ما يتزود به للمُضي قُدُمًا في تحقيق إنجاز ملموس؛ فإذا استوعبت ذلك لربما أشفقت عليه. لا تحاول أن تقع مع هؤلاء في مشاكل تستنزف طاقتك وحماستك التي هي وقود طريقك لهدف المنشود، وكن على ثقة أنَّ من زرع العدوان حصد الخسران.

الكسل من أعدائِك الذين يغرونَكَ بالفتور واستنزاف وقتك فيما لا يفيدك، وقد يعترينا الكسل أحيانًا فهذا أمرٌ لا تجمجم فيه، بيد أنَّه لا يحسُنُ بنا الرضا بالكسل لأنه مهلكةٌ لنا ولمستقبلِنا بصورة قاسية. التاريخ يؤكد لنا أن من طال كسلُه خاب أملُه، وحربك على الكسل لا بد أن تنبع من داخلك، أن تستلهِم النشاط الذي تحتاجه من تحفيز نفسِك ومكافأتها على كل نشاطٍ ينقِلُك خطوةً ولو بسيطة نحو هدفك المرجو. التسويف أيضًا أحد عوائق النجاح ويرتبط بضعف الحماسة أو انعدامها كليًا؛ مما ينجم عنه تأخير اتخاذ الخطوة المفترض إنجازها، ويترتب على هذا التسويف العزوف عن مواصلة طريق تحقيق الهدف، وفي المثل الشعبي «بُكرة.. زرعوها مطلعتش» ما يكفي لتحذيرك من مغبة التسويف.

يجب ألا تخرجنا الحماسة لمشروعنا أو هدفنا المزمع عن وعينا بملابسات الأمر، وألا يكون إصرارنا على تنفيذ هدفنا نِكايةً فيمن حولنا. عندما تتثبت من قرارك قبل تنفيذه؛ فأنت على قدر كبير جدًا من الجدية والحرفية ونسبة نجاحك شبه مؤكدة، في حين أن استعجالك في تناول الأمر قد يُردِيك ولا يخدم مساعيك. دراستك لهدفك والتخطيط له بذكاء يدفع عنك هواجس الإحباط، لم يكتب إديسون لمكتب الاختراعات بالثقة التي اتضحت في خطابه لولا دراسته لأهمية مشروعه. فلا تجعل الحماسة تقودك منفردة، ولا تجعل الإخلاص لهدفك يقودك وحده؛ واجتهد أن تكون حماستك وإخلاصك متلازمين معًا. وتذكر أنَّك لست في تنافسٍ مع غيرِك، أنت في حلبةِ سباقٍ خاصةٍ بك، ومع أنَّ الآخرين ليسوا في مضمارِك ولكنَّ منهم من هو مولعٌ بنشرِ الروح الانهزامية ومحاولة جرِّك للأرض بينما تتوق للتحليق في السماء.



   نشر في 20 يوليوز 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا