10 رسائل واردة، 5 فيس بوك، 800 البريد الإلكتروني، 50 تويتر، 10 انستجرام، علامات دائرية على الزاوية العلوية من كل تطبيق وتثير الضجيج، أتنقل بين هذه الأمواج من الإشعارات مئات المرات يوميا.
ذات يوم بقيت أتنقل في دائرة مغلقة من التطبيقات على هاتفي دون أي هدف أفتح هذا وأغلق الآخر، ثم أنتقل للثالث ثم أعود بطريقة أسرع فأضغط مرتين على الزر الرئيسي لتظهر الصفحات المفتوحة متراصة على الشاشة، ويظهر من بينها مطلا برأسه فاغرا فاه. وهكذا لمدة دقيقة دون أن أشعر، لعلني أجد فيها ما يرفع حالتي المعنوية ويعطيني مؤشرا على نظرة الناس وانتباههم وحبهم لي، لعلني أجد بين أكوام التعليقات والإعجابات أن أحدهم قد رفع سبابته شاهدا لي بإعجاب "لايك" ليظهر إشعاراً أن أحدهم قد رمقك بنظرة اهتمام.
وهذه الحالة تسمى فوبيا الإشعارات التي بات الإنسان الذكي في هذه الأيام يشعر بها، والفوبيا تعني الخوف أو الرهاب من أن يفوتنا إشعار أو تعليق فنجد أنفسنا كل يوم في دوامة وأمواج متلاطمة من الإشعارات والتنبيهات والنغمات.
وحسب الدراسة التي نشرت في الديلي ميل أن الإنسان العادي يفحص الإشعارات في جهازه يوميا حوالي 5427 مرة يوميا، بواقع 2 مليون مرة في السنة، ويقضي من 76 إلى 132 جلسة تصفح يوميا.
هذه الفوبيا الرهيبة في التفحص والنظر إلى الإشعارات لكل هذه التطبيقات تفقدنا الاستمتاع باللحظة التي نحن فيها وتجعلنا نبحث عن محبة الناس الوهمية عبر الفضاء الإلكتروني، يفقدنا ذلك لذة السلام الداخلي ولذة صلاح البال، لأن ذواتنا وبالنا مشغولان مع الآخرين.
يقول الله تعالي (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)، فإن صلاح البال في الآية معطوف على الهدى، وصلاح البال إذن يحتاج إلى سلوك سبيل الله سبحانه وتعالى، كل هذه الفوبيا هي تشتيت لبال الناس، وتعكيراً لهم، وصدهم عن ذكر الله.
ولكن كيف ينتقل الإنسان من تشتيت البال إلى صلاح البال؟ الجواب مذكور في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
أبدأ بنفسي فأنا أعاني من فوبيا الإشعارات وأنظر في النقاط على الزوايا العلوية يوميا، سأغير عاداتي وأنظم مراقبتي لهاتفي على الأقل كما يقول أحد الأطباء "أنه من المستحيل التوقف عن استخدام هذه التكنولوجيا ولكن علينا استخدامها باعتدال".
وسام مصلح
10/01/2017
-
وسام مصلحماجستير إدارة المكتبات والمعلومات - قارئ بشغف- أحب الكتابة