يا ورد من يشتريك ؟
نشر في 21 ديسمبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
الورد من أكثر الأشياء التي تبهج القلب و تثلج الصدر و تبعث الراحة و التفاؤل في النفوس
فلكل وردة لغة ..ولكل وردة لون له معنى ..و لكل وردة شكل و اسم له حكاية و حتى طريقة تقديم الورود تحمل في طياتها معاني كثيرة
عادة تشتري الناس الورود لمناسبات عديدة منها السعيدة و أخرى حزينة،فيهنئ الناجح بالورد ، و يبارك للعروسين بالورد ، ويستقبل المولود الجديد بالورد ، و يشفى المريض بنسيم الورد، و يعزى المتوفي بالورد ، لا ننسى كذلك الحبيب الذي يعبر عن غيرته بالوردة الصفراء ،والبنت التي تهدي أمها وردة جورية في الصباح ،و الصديق الذي يقدم وردة الياسمين للإعتذار من صديقه ، و الموظف المتملق الذي يغرق مكتب مديره بالفل الأبيض .و طبعا أنا لا أتحدث عن مغربنا العزيز ، لأن هذا بعيد كل البعد عن موروثنا الثقافي ، فنحن شعب لسنا على صلة وطيدة بالورد ، ولو عول بائعوا الورد علينا لأعلنوا إفلاسهم أو أعلنوا القطيعة مع حدائق الورود .
في المغرب نزور المريض و معنا كم هائل من الحليب و مشتقاته و كأننا نذكره بأنه إنسان مريض يتوجب عليه أن يتبع حمية غدائية و أن يتشبع بالكالسيوم لتقوية جسمه ، ونعزي بقوالب السكر و كأن أهل المتوفي سيتاجرون بالعسل المستخرج من السكر بعد انتهاء العزاء ،أما لمباركة الزواج فنشتري هدايا أو أثاثا منزلية و ربما نقدم لهم ظرفا ماليا ليشتروا ما يحلوا لهم و هناك من يبارك بقوالب السكر و كأنه يذكرهم بأكبر مقلب يأخذوه في حياتهم ، و فيما يخص أعياد الميلاد أو النجاح فنكتفي بالمباركة الهاتفية أو هدية رمزية ، فالحالة الوحيدة التي يشتري فيها المغربي باقة الورود هي عند الذهاب للخطبة و تكون باقة كبيرة ،جميلة و باهضة الثمن ، إلا أنها تكون في أغلب الأحيان اصطناعية أو بلاستيكية ، لكي تظل ذكرى مدى الحياة ، فالورد الطبيعي يموت و يذبل بسرعة ، و نوستالجيا الحياة تتطلب أن تبقى تلك الباقة في بيت كل المتزوجين
هي عادات و تقاليد توارتثها الأجيال و لم يكن للورد نصيب فيها ، نحن نعتز بثقافتنا و بموروثنا المغربي الجميل ، و إن أحببنا أن نربط علاقة ودية مع الورود ، فما هي إلا مبادرة لتغيير روتين قالب السكر الذي يرافقنا في كل مناسبتنا لا غير ، فأن أدخل البهجة و السرور في قلب شخص بوردة ستذبل بسرعة أفضل بكثير من أن أرفع ضغطه و معدل السكر لديه بسم أبيض يحلي به كأس شاي كل يوم
الورد مرسول سلام و قالب السكر موروث متشبث بنا ،فمن سيشتريك يا ورد المغرب ؟
-
فاطنة الربولي Rabouli Fatnaفاطنة الربولي صحفية ومتخصصة في إنتاج المضامين السمعية والبصرية والرقمية, مدونة مغربية
التعليقات
ولقد أبدعت الاستاذة الفاضلة فوزية لهلال في وصف المغرب في مقال لها بعنوان ( في حب مراكش الحمراء) .. جعلني احب المغرب بلدا و شعبا وعادات ...
فمن سيشتريك يا ورد المغرب ؟ كلنا بالتأكيد
تحياتي وتقديري لك... فاطنة