بقلم أ.د.عادل رشاد
لا شيء يعدل الابتسامة المشرقة، فهي سر من أسرار الجاذبية وطريق مختصر للتجاذب بين القلوب، فالابتسامة رمزا للمودة الصافية . وهي أحد أساليب النجاح الأقل كلفة .
إن لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه،والبشاشة من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة ، لهذا كان من سنة رسول الله -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, طلاقة الوجه وانشراح الأسارير والابتسامة إلى درجة أن لوحظ ذلك عليه، عن عبد الله بن الحارث قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله-صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, الترمذي: 5/601، أحمد: 4/191، شعب الإيمان: 6/251.
وطبق الصحابة - رضي الله عنهم - هذه السنة، فعن أم الدرداء قالت: كان أبو الدرداء إذا حدث حديثا تبسم، فقلت: لا يقول الناس إنك أي أحمق فقال: ما رأيت أو ما سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, يحدث حديثا إلا تبسم) أحمد: 5/198..
فليت الذين يعبسون في وجه الناس ويقطبون أن يلتفتوا لهذه السنة فيحيوها، فهي أكبر أثرا وأصح نقلا،و وردت بها الأحاديث الكثيرة العامة والصريحة، فاعتبرت طلاقة الوجه من المعروف، قال -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-,:( لا يحقرن أحدكم شيئا من المعروف، وإن لم يجد فليلق أخاه بوجه طليق ( الترمذي: 4/274..
واعتبرت من الصدقات، ، قال -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-,: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة (ابن حبان: 2/287، الترمذي: 4/339،
ويقول المثل الصيني: إن الذي لا يحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجراً.
والابتسامة الصادقة النابعة من شغاف القلب هي التي تفعل فعل السحر وتجذب كالمغناطيس، وهي التي تزيد الوجه رونقا وبهاء؛ لا الابتسامة المصطنعة التي تخفي وراءها الكيد والمكر. وأن الطريقة المثلى للابتسامة هي أن تبتسم وأنت تنظر للشخص الذي تحدثه، فهذا سيعطيه شعوراً سريعاً بالأمن والاطمئنان، ودلالة على التواضع والمحبة.
والابتسامة اليوم أصبح ظاهرة حضارية لتعديل مزاج الإنسان وإزالة التوتر وضغوطات الحياة اليومية، وتفتح لها دورات خاصة لتعليم الآخرين الابتسامة في وجه المقابل.
يقول العلم أنه عندما يبتسم الإنسان يتحرك من (5- 13) عضلة في الوجه، وعندما يكون في حالة تجهم وعبوس يعمل (47) عضلة...
والابتسامة ليست قاصرة على الطيبين من الناس فحسب بل هي أسلوب يستخدم مع الجميع حتى الأشرار ، وهي طريقة لتقليص شرهم .
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَلَمَّا رَآهُ قَالَ:
(بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ, وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ, فَلَمَّا جَلَسَ, تَطَلَّقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ, فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ, قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ, قُلْتَ لَهُ: كَذَا وَكَذَا, ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ, وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا عَائِشَةُ, مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا؟ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ). صحيح البخاري ٦١٣١
فما رأيكم أن نقوم بهذه المبادرة مع أبوينا و أزواجنا وأولادنا وجيراننا وزملاء العمل وحيث من نلقى من الناس ؟
-
adelrhgباحث أكاديمي