8 أشياء تعلمتها خلال 21 سنة | الجزء الأول
نشر في 17 أكتوبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
البارحة صار عمري 21 عاما !!
لسنوات طويلة، قبل أن إلى سن العشرين... كنت أجد دائما مقالات تتعلق بهذه الفترة العمرية وأهتم جدا بالاطلاع عليها.
معظمنا صادف هذه النوعية من المقالات (أشياء عليك فعلها في سن العشرين، نصائح لمن هم في العشرينات من عمرهم، استفد من عشريناتك بهذه الطرق...). قررت أن أقوم بنفس الشيئ هنا، لكن ليس بالضرورة أن أعطي نصائح. سأتحدث عن أمور تعلمتها، أفكار جديدة خطرت لي، نصائح، طرق وأمور قمت بها وأفادتني.
أرجو أن يفيدك هذا المقال ولو بمعلومة أو فكرة واحدة.
سأذكر هنا 8 أمور أعتقد أنها أفادتني جدا بشكل شخصي، وسأعود في وقت لاحق لأذكر 8 أمور أخرى:
طرق التعلم:
كل شخص يتعلم بطريقة مختلفة عن الاَخرين، حتى لو كانوا يتعلمون نفس الشيئ معا.
كان هذا من أهم ما أدركته خلال السنوات الماضية. ساعدني هذا على تجاوز بعض صعوبات التعلم التي واجهتها في مجالات معينة، وأيضا إعادة تعلم أمور سابقة بفعالية أكبر.
طرق التعلم كثيرة ومتنوعة، ولا تقتصر فقط على الطريقة النمطية التي تلقينا بها العلم في المدارس.
بالنسبة لتعلم اللغات مثلا، وجدت أنه لا يناسبني قضاء وقت طويل لتعلم القواعد وتركيبات الجمل، يكفيني فقط الاطلاع عليها بشكل سريع ثم الانطلاق إلى قراءة ومشاهدة محتوى بتلك اللغة على الإنترنت. بينما شخص اَخر قد يكون من المناسب له أكثر أن ينطلق إلى ممارسة اللغة مع المتحدثين بها منذ البداية.
أما بالنسبة لتعلم الرياضيات أو الفيزياء فقد وجدت أن الأمر يتطلب مني قضاء وقت أطول لتعلم الأساسيات أولا قبل التوجه الى تطبيق ما تعلمته.
ساعدني هذا الأمر كثيرا. عندما أواجه صعوبة في فهم أمر ما، بدلا من أن أقول لنفسي "يبدو أنني غبية"، أقول لنفسي "حسنا، ربما علي أن أغير الطريقة".
معدل الذكاء:
أعترف أنني قضيت وقتا لا بأس به في القراءة عن الذكاء، واجتياز اختبارات الذكاء سواء بالكتب أو على شبكة الإنترنت، والبحث عن طرق لرفع معدل الذكاء، وعلاقة التغذية، البيئة والجينات بهذا الأخير...
كنت شبه مهووسة بالذكاء، وأريد أن أتأكد إن كنت ذكية أم لا، وإن لم أكن كذلك ماذا يمكن أن أفعل لأصبح ذكية..
ولكنني بعد مدة أدركت أن الأمر ليس بهذا الأهمية. معدل الذكاء أشبه ببطاقة تسمح لك بالدخول إلى المكان الذي تريد وتسهل إجراءات الدخول وتجعلك ربما تستغرق وقتا أقل ولكنها لا تعفيك من أداء ثمن الدخول كاملا (علما أن الدخول مسموح لكل من قام بأداء ثمنه سواء كان يملك تلك البطاقة أم لا).
يقولون أنه ليس المهم ما تملكه ولكن المهم ماتفعله بما تملك، وهذا بالأخص ينطبق على معدل الذكاء.
مسافة الأمان:
من الأسئلة التي قضيت جزءا كبيرا من وقتي أفكر فيها (بعد بضع تجارب اجتماعية وصداقات فاشلة): هل يجب أن أتعامل مع الناس على أساس أنهم جيدون وطيبون إلى أن يثبت العكس؟ أم أعتبر أنهم أشرار وسيئون إلى أن يثبت العكس؟
الموقف الأول ينطوي على شيء من السذاجة، والثاني يحمل الكثير من سوء الظن. لكنني وجدت موقفا أفضل، وفر علي الكثير من الخلافات الاجتماعية.
الحل هو تبني الموقف الأول، مع تعديل بسيط يتمثل في إضافة عنصر اسمه "مسافة الأمان".
هذه المسافة لا يمكن قياسها طبعا، لكن يمكننا استشعارها. إنها ببساط المسافة التي تمكنك من التواصل مع الآخرين بفعالية قدر الإمكان بشكل لا يتيح لهم فرصة استغلالك أو إهانتك.
أعرف أن الأمر لا يبدو واضحا تماما، تجربة الأمر بنفسك هي الأهم. التجربة هي ماسيمكنك من تحديد ماهي مسافة الأمان الخاصة بك، لأنها مختلفة باختلاف الأشخاص. راقب ما الذي يضايقك وما الذي تقبله أثناء تواصلك مع الاَخرين واحرص على أن تتعامل مع الأمر بحذر وحكمة.
وطبعا إذا ثبت العكس، فأنت تعرف ماذا تفعل.
الفلسفة الرواقية:
أعرف أن الكثيرين لا يحبون الفلسفة أو يعتبرونها شيئا متعاليا لا علاقة له بالواقع (في الحقيقة بعض التيارات الفلسفية تبدو لي كذلك فعلا، رغم أنني من محبي الفلسفة). لكن الرواقية بالذات شكلت استثناءا بالنسبة لي. لن أطيل كثيرا لأن الأمر به تفاصيل كثيرة لكنني أنصح الجميع بالاطلاع عليها، ليس عن طريق ويكيبيديا طبعا بل عن طريق قراءة أعمال وكتب الرواقيين.
أنصح بشدة بكتاب التأملات لماركوس أوريليوس. لقد كان لهذا الكتاب تأثير جد إيجابي على كيفية تعاملي مع الأحداث اليومية مع مرور الوقت.
التوسع Vs التخصص:
هذه واحدة من أكبر معضلاتي الحياتية، فأنا بطبيعتي شخص لا يميل الى التخصص بعمق في شيئ واحد بل أحب أن أكون ملمة بكثير من الأمور والمجالات وأدرسها مجتمعة. ولكنني للأسف ولدت في عصر لابد لك فيه من التخصص في شيئ واحد ولم يعد فيه الكثير من الأشخاص والعلماء الموسوعيين الذين طالما حلمت أن أكون واحدة منهم.
إذا كنت مثلي وتحتاج للتوفيق بين الأمرين، سأشارك معك ماقمت به للحفاظ على التوازن:
أولا رغم تخصصي في مجال معين يستهلك جزءا كبيرا من وقتي، فأنا لم أتوقف أبدا عن القراءة الحرة في عدة مجالات. هذه عادة مقدسة بالنسبة لي.
وثانيا، بما أننا في عصر الانترنت يمكنك أن تدرس أي مجال اَخر أنت مهتم به. المصادر كثيرة لدرجة تجعلك تحتار. لم نعد مضطرين إلى الاقتصار على المجال الذي ندرسه في أرض الواقع.
والأمر الثالث هو أنني اخترت تخصصا يشمل أكثر من مجال واحد (الميكاترونكس).
إذا كنت لا تميل إلى تخصص واحد قم باختيار تخصص يشمل عدة مجالات إلى حد ما ولا يقتصر على مجال واحد. لو لم أفعل ذلك لأصابني الملل من الدراسة منذ الأسبوع الأول.
العائلة:
كنت دائما أعتبر عائلتي أهم من أي شيء آخر في حياتي، ومازلت طبعا. ربما ما سأقوله يبدو بديهيا ومن نافل القول، لكن عائلتك لن تبقى إلى الأبد. لقد كنت أعرف ذلك طبعا من قبل ولكن المعرفة النظرية شيئ و التجربة شيء آخر تماما.
كنت أحس وأتصرف كما لو أنهم سيبقون دائما، أصحاء وأحياء دائما، على الأقل طوال فترة حياتي. لن أطيل كثيرا في هذه النقطة، إذا كان تواصلك مع أفراد عائلتك ضعيفا أو علاقتك بهم ليست على ما يرام فحاول تدارك الأمر، وفي أسرع وقت.
المال:
ألاحظ أن الطريقة التي نفكر فيها بالمال فيها خلل كبير، فهو نوعا ما مرتبط بأذهاننا بالشر والجشع والطمع. بالإضافة إلى أفكار من قبيل "المال لا يصنع السعادة" أو "الأغنياء تعساء والفقراء سعداء"...
حسنا، المال فعلا لا يصنع السعادة. ولكنه عامل مهم من العوامل التي تجعلك تعيش حياة سعيدة (هناك عوامل أخرى طبعا: الصحة، العائلة، الإنجاز، راحة الضمير...) ولكن المال عنصر مهم في هذه المعادلة وليس من العيب أن يسعى المرء للحصول على مزيد من المال (بطرق شريفة طبعا) وليس من الحكمة تجاهل المال كليا والادعاء بأنه أمر غير مهم.
المال ليس شيئا سيئا ولا جيدا في ذاته، إنه أداة في يد حاملها. وسيكون جيدا إذا استعمل في ماهو خير وصالح وسيكون سيئا وخبيثا إذا استعمل في ماهو دنيئ.
القراءة حول مفاهيم المال والاقتصاد والتدبير ساعدتني كثيرا على التعامل مع المال بطريقة أفضل، أنصحك بفعل الشيئ نفسه.
الانشغال لا يعني بالضرورة الإنتاج:
كان هذا اكتشافا مهما غير طريقة عملي وتنظيمي لوقتي بشكل إيجابي. لاشك أنك لاحظت أنك في فترات ما تبدو مشغولا وتعمل بجد وتعتقد أنك تفعل حسنا، ولكن للأسف النتيجة لا تكون مرضية وإنتاجك يكون ضعيفا.
معظمنا سمع بطريقة تقسيم المهام إلى أربع أقسام (مهم وعاجل، مهم وغير عاجل، عاجل وغير مهم، غير مهم وغير عاجل). أنا أيضا سمعت بها وقرأت عنها لكنني لم أستعملها بشكل جيد.
معظمنا أيضا يقع في نفس الخطأ: قضاء وقت طويل في مربع المهام العاجلة (سواء كانت مهمة أم لا). هذا هو السبب الذي يجعلنا دائما منشغلين لكن إنتاجنا ضعيف.
خانة الأمور المهمة وغير العاجلة هي خانة الانتاج الحقيقي، هي التي تحتوي على المهام التي تهمك والمشروعات الخاصة التي تريد القيام بها (تأليف كتاب، أعمال خيرية، الاستعداد للامتحانات منذ وقت مبكر، الالتزام بالرياضة، حفظ القراَن، قضاء الوقت مع العائلة أو السفر معهم أو مع الأصدقاء...). وهي الخانة التي يجب أن تقضي فيها معظم وقتك.
عندما أدركت ذلك وبدأت في مضاعفة وقت فراغي وتقليص الالتزامات التي لا تعني لي كثيرا، خصوصا الأمور التي أقوم بها فقط لإرضاء الاَخرين أو لأسباب اجتماعية ، والتضحية ببعض الأمور التي تبدو لي جد مهمة لكن في الواقع ليست كذلك... (راقب كيفية استغلال وقتك، ستجد قدرا لا بأس به من الوقت المهدر الذي تظن أنه يستهلك في أشياء مهمة).. بعد أن قمت بهذا صرت ألاحظ أنني أقل انشغالا وأكثر إنتاجا، ونمط حياتي صار خاليا من التوتر.
شكرا على قراءتك لمقالي، أرجو أن تستفيد منه. وانتظر المقالة المقبلة حيث سأذكر 8 أمور أخرى.
-
شيماء عبد السلامفتاة غير عادية، تعيش حياة عادية
التعليقات
أنا أكبرك بعشرة أعوام تماماً وحقيقة أشعر أننا متقاربتان بالعمر
لك من كل الاحترام والتقدير
أنت فتاة رائعة لديها الكثير من العلم
وفقك الله يا حبيبتي
اسمحي لي بأخذ مقتطفات أشاركها أصدقاء تويتر؟
تحياتي .