اعملوا على مكانتكم !
بقلم أ. د.عادل رشاد غنيم
التطلع إلى المكانة أو المنزلة أو القيمة اكتساب الأهمية هدف يرغب فيها الأفراد والمجتمعات ، ولكن هذا الهدف يختلف عند الناس في مفهومه ووسائله .
بعضهم يرى المكانة في الثروة أو الشهرة أو النفوذ أو التقدير الاجتماعي ، وهذه وسائل ( خارجية ) ، أي خارج الذات ومشكلتها أن الإنسان يعتقد أنه بدونها لا مكانة يحظى بها ولا قيمة .
إن قيمة المرء ومكانته عند الله وعند الناس لا تقاس بطول الأعمار ولا بكثرة الأموال والأولاد والأتباع ولا تقاس قيمة المرء بما يأكل أو يلبس أو يركب ،إنما تقاس بما يقدم من إنجازات ومنافع وعطاءات تعود عليه وعلى الناس بالخير والصلاح.
وبعضهم يحاول الحصول على المكانة من خلال الأقاويل التي يمتدح فيها نفسه بما ليس فيه ، وهذا لا يحصل على شيء لأن الناس ترى الفجوة بين كلامه وفعاله .
وبعض آخر قد يزهو بمدح الناس له ولو رفعوه فوق قدره ، وهذا مسلك معيب أنكره رسولنا- صلى الله عليه وسلم -كما روى أنس بن مالك أن أناسا وجاءوا إليهِ فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ يا خَيرَنا وابنَ خَيرِنا وسيِّدَنا وابنَ سيِّدِنا فقالَ: يا أيُّها النّاسُ قولوا بقَولِكُم ولا يستَهْوينَّكمُ الشَّيطانُ أنا محمَّدٌ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ ما أُحبُّ أن ترفَعوني فَوقَ مَنزِلَتي الَّتي أنزلَني اللَّهُ عزَّ وجلَّ ) أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (١٠٠٧٧).
وآخرون يبحثون عن مكانتهم بين الناس دون أن يتطلع إلى مكانته عند الله تعالى
وقد تسأل كيف أعرف منزلتي عند الله تعالى ، والجواب على لسان رسولنا- صلى الله عليه وسلم - في قوله : (من كان يحبُّ أن يعلمَ منزلتَه عند اللهِ فلينظرْ كيف منزلةُ اللهِ عنده فإنَّ اللهَ يُنزِلُ العبدَ منه حيث أنزله من نفسِه ) رواه المنذري وحسنه في الترغيب والترهيب ٢/٣٣٥ .
لقد جاء القرآن الكريم بالوسيلة الحقيقية لصناعة المكانة :
{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (39) سورة الزمر
العمل هو سبيل تحقيق المكانة والمنزلة ، أقصد إنتاجيتك وحجم أعمالك وجودتها، دائمًا ما كنت مؤمنًا أن بذل الجهد يؤتي ثماره بلا أدنى شك.
فالعمل هو الذي يمنح صاحبه مكانته إذا كان عملا صالحا هادفا ، وعندما يكون الفرد حسن النية لكنه يتكاسل أو يتقاعس في عمله ، فهو معرض لخوض بلاء يتطلب منه صبرا واحتمالا لبلوغ المنزلة :
وهذا ما أخبرنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغهَا بعملهِ ابتلاهُ اللهٌ في جسدِهِ أو في مالهِ أو في ولدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ من اللهِ تعالى) صحيح أبي داود3090 .
ومن أروع الحكم ما قاله عليُّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه:"قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحسِنُ" ، رواها الخطيب البغدادي في تاريخه .
والإحسان يتطلب علما ، واكتسابا للمهارات اللازمة لبلوغ الجودة .
فاخترا عملا من أعمالك اليومية وقم بأدائه بشكل أفضل ، أو اخترا شيئًا جديدًا وأتقنه، وبهذا الإنجاز والتحسين سترتفع ثقتك بنفسك، وستدرك أن لديك من المميزات ما يغطي عيوبك وأكثر. باختصار اكتسب الثقة والمكانة بجهدك .
-
adelrhgباحث أكاديمي