في البعد الرابع لأحلامنا - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

في البعد الرابع لأحلامنا

حــوار مُتخيَّل بين صديقين:

  نشر في 30 شتنبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

- ها قد وجدتك أخيراً، أخبرني الآن ما الذي حصل معك بالتفصيل؟ 

- لا .. لا أستطيع وأرجو أن تلتمس لي العذر فأنا -كما تعلم- لا أحب سرد التفاصيل، ولا أجد ذلك مناسباً الآن..

- لكني لا أعلم سبب إصرارك على الإحتفاظ بها لنفسك بينما تدرك بكل تأكيد مدى اشتياقي لسماع أخبارك !

- أتسخر مني ولم أقل شيئاً بعد؟!

لا لا أبداً لست من أولئك المترفين المتنعّمين بمباهج اللامبالاة، فأنا أكثر من يشعر بآلام الآخرين وأول من يفهم دلالات صمتهم.!

- حسناً، القصة باختصار أني لم أتوقف عن الحلم طوال ثلاثين عاماً... كنت أحلم وأحلم ولم أنم أبداًً!

-رائع! أكمل يا صديقي..

- سأخبرك بكل شيء على الرغم من أن انفعالاتك تلك ، وحساسيتك المفرطة تجاه التفاصيل تزيدان من توتري وقلقي..إلا أنني ممتن جداً لذلك ولا أبالغ إن قلت و سعيد أيضاً ..

- الأهم بالنسبة لي الآن أن تكون بخير، هذا ما أتمناه حقاً.

-كما قلت لك قبل قليل ، لم أتوقف عن الحلم يوماً، لكن في يومٍ من الأيام وتحديداً في ذلك الوقت الذي انتهت فيه واحدة من أكثر محاولاتي جرأة وموضوعية لفهم واستيعاب ظروف الحياة.

- نعم. ماذا حصل ؟

-كان تعب الإنتظار قد تمكن مني..فغفوت على صخرة الحقيقة ونجوت...وها أنا ذا أمامك.

- وهل حظيت أحلامك بنفس المصير ؟

- لا أعرف حقاً بماذا أجيبك، ما أشعر به الآن يجعلني تقريبا عاجزاً عن إيجاد أي تفسير، وعاجز أيضاً عن إقناع نفسي بأن كل شيء طبيعي بينما أرقب روحي وهي تتلاشى في نقطة مجهولة لا أستطيع إدراكها أو اللحاق بها!!

- هذا كلام لا يصدق !

- لقد كان لأحلامي وهج حضورها المميز ، ولا زلت أذكر ذلك جيداً، من لحظة انباثقها بهدوء وسلاسة في مخيلتي حتى تسقط في يقين قلبي كشلال هادر. لكن لا شيء الآن إلا هذا السكون الرهيب المقيم في أعماقي..

أصبحت يا صديقي كشجرة صبّار مهملة في صحراء قاحلة، تعد أيامها الزاحفة إليها دون ترقب أو لهفة تخفف عليها وطأة العزلة والإنتظار، مشغولة بحزنها عن كل ما قد يبعث فيها روح الحياة حتى لو كانت رغبة بافتعال جدال مع سحابة عابرة، أو مغازلة مع طيف سراب ممعن في العبث.

- عجيب أمرك يا صديقي خصوصاً أني لم أعهدك هكذا من قبل !

- صدقني أنا تلك الشجرة التي لو تأملتها ألف عام لن ترى في غزارة أشواكها وامتدادات فروعها الباهتة في الفراغ سوى آثار تعاقب الفصول وما تحفره بقسوة فينا من تبدلات وتغيرات.

- لكن لا يُفترض أن يحدث معك ذلك حتى في الخيال!

-أدرك أنك تشعر بالغرابة، وهذا أمر متوقع، لكن ما صدمني حقاً أن ذاك الذي ظل طول الوقت حبيسا في أعماقي ها هو يَصُول ويَجُول حولنا، مما يؤكد أن الحياة قد تخلت عني وتركتني، أشعر كأني شخص ميت يعيش في أحلامه.

- رجاءً توقف عن قول هذا الهراء... فقط انظر إلى وجهك المنعكس في عيني سترى إنساناً مفعماً بالحياة... وأنت أكثر من يعرف أن لك قلباً محارباً لا ترهبه الشدائد ولا تهزمه الخطوب.

-أنت محق! لقد كنت بالفعل أملأ فراغات حيرتي بالهذيان

-لا تبالغ في لوم نفسك فهذا حال تعساء الحظ أمثالك مع أحلامهم.

-كيف يكون حالهم؟

-تماماً كحالك أنت، قوم لا تفارقهم طبائع اليأس،ولو تأملتهم قليلاً لعرفت ما ينقصهم، ولأدركت ما غاب عن ذهنك بسبب اضطراب قلبك، ألا وهو فهم أعمق لطبيعة الحياة، والتحلّي بنظرة أكثر إنصافاً لواقعهم تجعلهم لا يستكثرون على أنفسهم فرحة الإستماع لنبضات أحلامهم سواء تحققت تلك الأحلام أو لم تتحقق بعد.

- لكن كيف تفسر سكون نفسي؟

-ببساطة يا صديقي طالما أنك لم تسعَ إلى حلمٍ جديد فهذا يعني أنه لم يعد لديك سوى ظلك رفيقاً لخطواتك المتعبة، فلا يوجد تصرف أكثر جنوناً وعبثية من سجن أنفسنا في دائرة حلم قديم في حين أن كل ما يجري في هذا الكون يحثّنا على أخذ موقعنا الجديد على خارطة الوعي!

- هذا هو النضج أليس كذلك؟

- إلى الحدّ الذي ينعش قلبك ويجدد روحك، نعم.

-ما أتعسني لولاك يا صديقي!

- لا شك في ذلك...


  • 21

   نشر في 30 شتنبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

ربيع دهام منذ 4 سنة
حوار ذو عمق ومعنى كبير. الصراع بين اليأس والحلم . حوار عن الصداقة في وجه الوحدة.
صيغ أدبية جميلة. شكراً
1
رولا العمر
تشرفت بمرورك الراقي وتعليقك الطيب أستاذ ربيع دمت بكل خير وسعادة
ما أتعسني لولاك يا صديقي!
هنا الشعور بوفاء الصديق لصديقه
أحسنت الوصف
4
رولا العمر
ربي يحفظك . كل الشكر على مرورك الطيب دكتورتنا الجميلة
Mouloud kasmi منذ 4 سنة
اه على ذالك الاصداقاء الذين اذا غابو افتقدو واذا حضرو افادو شكرا لك على المقال
1
رولا العمر
صدقت .. وأنا بدوري أشكرك على المرور الطيب والراقي
ابدعتي
3
رولا العمر
صاحبة الحضور الجميل والقلم الأنيق كل الشكر والتقدير
Menna Mohamed منذ 5 سنة
رائع يا اخت رولا لولا توهج الاحلام في قلوبنا لخفتت ارواحنا منذالقدم ...مقال اكثر من ممتاز احسنتي يا حبيبتي موفقة ،⁦♥️⁩
3
رولا العمر
نعم صحيح غاليتي .. محبتي وتقديري وامتناني لمرورك العطر منّة الرائعة
Menna Mohamed
تسلمي حبيبتي يارب الله يخليكي خالص محبتي و تقديري الشديد ممتنة و الله لردك الرائع حبيبتي رولا الرائعة موفقة خيتو ،⁦♥️⁩
عودا حميدا لكى.. رولا ... ( الحاضرة دوما في ذاكرتنا بكم هائل من إبداعات ) ويا له من حوار ذا دلالات عميقة..
ويا لها من نصيحة للجميع ( ان لم نسعى إلى حلمٍ جديد .. ستكون المحصلة النهائية هي سجن أنفسنا في دائرة حلم قديم في حين أن كل ما يجري في هذا الكون يحثّنا على أخذ موقعنا الجديد على خارطة الوعي!)
سعيد جدا بالقراءة لكى مجددا أيتها الغالية .. رولا
3
رولا العمر
لا تتصور مدى سعادتي بك أخي الرائع والمبدع ابراهيم، وبتلك الطاقة الإيجابية التي تفيض من كلماتك الرقيقة.. دمت حاضراً بقكرك الأنيق واحساسك المبدع وقلبك الجميل..
Dallash منذ 5 سنة
الحياة مليئة بالأحلام ولا سيّما في كل ما هو مرتبط بالإنسان. لا بد من مقدار معيَّن من الشعور بالتسليم لكي نتقبّل الحقيقة القائلة بأن معظم هذه الأحلام لن يعرفها أحد في حياتنا..سوى أنفسنا..لهذا نخرج من مجرة الأبعاد الثلاثية التي تجسد واقعنا إلى بعد رابع هو الزمن...دام نبض قلمك المبدع
4
رولا العمر
نعم صحيح أخي ماهر لا مناص من مواجهة الحقيقة، لكن علينا أن لاننسى في خضم كل ذلك أنه لا زال بإمكان وعينا أن يجد طريقة أو حل لنتمكن من النجاة بأحلامنا.. ألف شكر على هذا المرور المتوهج والمتميز ولفكرك الواعي والمبدع ..
Dallash
الشكر موصول لك اختي...ولو انني لا اجد بصمتك على مقالاتي...تحياتي
رولا العمر
قرأت لك منذ فترة مقال بعنوان " نحن أهل الكهف" وأعجبني جدا وقمت بالتصويت له وإن شاء الله سأكمل قراءة باقي المقالات في الأيام القادمة... بالتوفيق لك أخي ومزيد من الإبداع والتألق في الحياة والفكر والأدب..
Dallash
تحياتي اختي الفاضلة الكريمة..دمت بود

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا