لم تكن المرة الأولى التي أقلب بها صفحات دفتري لأستنجد بحروفي التي كتبتها لكن تلك المرة الأولى التي نادتني بها كل الحروف بصداها المتعب وصرخت بأعلى صوت عندها وقالت لي اكتبي اكتبي يا عربية اكتبي كل ما عندك من كلمات اختبئت حروفها بين السطور اكتبي عن العود وأوتاره والمطر وخيراته وعن الربيع وأزهاره اكتبي ثم اكتبي
نعم يا حروفي المبدعة سألبي النداء لكنني سأكسر حاجز صمت حروفي اللاهبة
بالحزن سأكتب عن غصة قلبي ونزوات الناس بحق بعضهم سأكتب عن القهر الذي
عشت فيه خلال الخمس سنوات الأخيرة سألاحق حروفي من اﻷلف إلى الياء لأعبر عن أحزاني .
أيا حروفي أصغي إلي جيداً هذه السطور ليست كافية لتعبر عما في قلبي من أوجاع فهناك وجع قد ضاق له الصدر وأفرغ له النبض كأنه عاجز عن الإستمرار في الحياة وجع أصعب من الوجع الذي نرشق عليه الملح وهو جرح جديد يستمر بالنزف وجع يتبعثر بين الدقيقة واﻷخرى وجع فيه كم هائل من خراجات الجرح الملتهب وجع لا بعده وجع هو وجع الوطن .
كيف لنا أن نختلف مع بعضنا بسبب قذارة اﻷعداء كيف لنا تمزيق أجساد بعضنا البعض بناءاً على إختلاف ألوان ملابس جيشنا بالرغم من أننا ذات أصل واحد
كيف لنا أن نتأفف من زحمة المرور ونحن ما بين بعضنا أخوة كيف لنا أن نصمت ونحن نرى أعدائنا يغتصبون نسائنا الطاهرات كيف لنا أن نصمت ونحن نرى أعدائنا أمامنا يطيلون النظر على خصيلات شعر فتياتنا أين العروبة أين وطنيتكم الصارخة ومشاعركم التي نادى بها ديننا أي عقل يستوعب تلك المجازر التي يرتكبونها بحقنا ينهشون ويسرقون ويغتصبون ويقتلون ونحن ما زلنا صامتون .
قلمي ما زال يرتجف أمام كل حرف يكتب على هذه السطور قلمي يكتب ويرشق الحبر كأنه دموع حزينة قلمي يكتب ليعاتبكم يا عرب .
كيف لكم السكوت عن هذا الظلم كيف لكم العيش في بؤرة من الإجرام وأنتم تشاهدون حكايات الظلم أمام أعينكم بكافة شخوصها وأحداثها كيف لكم دفن شهدائكم دون اﻷخذ بحقهم كيف لكم العيش في واقع مرير كهذا واقع قد سرق منكم رجالكم ونسائكم وأطفالكم وأموالكم مثل لمح البصر كأننا قد عميت أبصارنا عن رؤية هذا .
كيف لكم الخلود إلى النوم وأنتم بين أحبتكم أصبحتم غرباء وأعداء لماذا يا عرب لماذا جعلتم من الوحوش القذرة أعداء بينكم أعداء نعم نموت ظلماً فندفن ونلقب بالشهداء أنا أعرف جيداً بأنكم ضحايا بين أيديهم لكن......عتابي لكم بأن ضمائركم ما زالت في عز غفوتها لم تصحو لتدفن اﻷعداء في غابات الحيوانات المفترسة
ليصبحو مثل فضلات التي نتخلص منها لنريح أجسامنا
عتابي لكم ينادي ويصرخ بأعلى صوت يا عرب هيا بنا نسترجع بلاد الشام لنعود إلى ماضينا المزدهر بالحب والخير لبعضنا.
يا حب ينبض عبيره بفؤادي يا عرب لم تكن صدى حروفي توبيخ لكم فقط بل كان
صدى متعب من الحزن صدى أراد أن يسكب الحنية بينكم صدى أراد إشعال النار
بالأعداء بنفس الجمر الذي أشعلو به قلوبنا بالحزن بنفس الجمر الذي أشعلو به لوعة الأم على فقدانها لأبنائها .
صدى حروفي يذكركم بإحتضان أنامل العشق الدافئة بينكم يكفيكم الحزن في ليالي الصقيع الباردة التي قضيتموها بعيون تذرف دموعا على وجع الوطن.
لذا اتركوا وطنيتكم الصارخة ومشاعركم التي نادى بها الأعداء متكئة على رياح النسيان وتذكروا بأنكم أخوة .
وجع الوطن ينسيك الربيع وجماله ويسكب دماء بدل من الماء فسأترك السطر الأخير على إسم أمة
أمة
بقلم عواطف زايغ
-
عواطف زايغعواطف زايغ