صليت كثيرا لتحقيق أمنياتي القادمة ودعوت في عمق الليل وسكونه حيث لا صوت الا أصوات تنفس الهواء وشهيق الأشجار ، صليت طويلا ، لكنني جنيت عكس رجائي وتحققت عكس غاياتي وقهرتني الظروف والأماكن والأزمنة ، واستهزأ العالم بإمنياتي الصغيرة وكتمت صوت الطفلة من أعماقي وواصلت في صلواتي ، فأنا أعلم جيدا ، تماما أعلم أن هناك أمرا ما سيتمرد على الواقع وهناك شرور كثيرة نزعتها صلواتي من قاموسي ، هكذا كلما تبادر لذهني أن الله لن يستجيب لي ، فأنا أعلم جيدا ماهي مهمة الشيطان وقد علمني الله ماهي مهمتي ، ولقد أخبرني الله ماذا أفعل بالضبط حين تواجهني مثل هذه الحالات من القنوط والإستيئاس ، إذا لماذا سأحتار .
علمت أن صلواتي أعطتني الكثير من الأمل ونزعت الكثير من المحن وعلمتني الكثير من الدروس ونزعت مني الكثير الزلل ، وعلمت جيدا ومع أنني أعلم أن عليّ أن لا أتحدى الواقع حين يرضخ أمامي . فتعودت أن لا أرضخ أمامه حين يتحداني ، فأنا سأحصل على كل شيء أريده حين أكون قد أردته بالفعل ، هكذا يحدث معي ، وحين أبتهل بصلاة الحاجة للحصول على شيء يقبل التردد فأنا لن أحصل عليه لأنني لم أحسم الأمر مسبقاً ، لم أكن أعلم ماذا أريد بالضبط ، حتى خرجت من عبائة الوهم التي تلفني في سوادها فرأيت عالما واسعاً من العجب العجاب ، وألوان من الناس فمنهم من يتعامل بسلوكه الراقي لكل البشر ، ومنهم من يتعامل احتساباً للمقامات ، ومنهم من يتعامل وقت العطاء ، ومنهم من يحب الضعفاء ليشفق عليهم وحين يصبحون أقوياء أو يكونون بخير انبثقت منهم اشعة تحرقه لكأنه ليس من حقه إلا أن يظل كما كان ، ومنهم من يبارك له حياته ، ومنهم من يحقد عليه ويحسده ومنهم من يدمره ، كثيرون هم البشر بطباعهم ملئوا الكرة الأرضية بالخير والشر ولكن أين الخير ؟ وأين يكمن الشر ؟!!
لقد تعلمت أثناء تعاملي مع الحياة أن الإحترام الحقيقي هو إحترام المرء لذاته ، وعلمني الحزن أن أتغلب عليه مهما أمرتني سلطاته أن أذرف أمنياتي في ساحة غيه وهيمنته ، ولقد تعلمت من صمتي كيف أصرخ حين تغتالني سكاكين الظلم وكيف أستعين بالله وأطلب حقي منه حين أعجز .
تعلمت من غدر الأماكن والأزمان . ومن خدعة الحروب وهروب الأمان كيف أواجه العالم بابتسامة تنبع من ثقتي العظيمة أن الله بجواري يسمعني في صقيع الليالي وصمتها الذي يزلزل الأكوان بأصوات لن نسمعها نحن البشر ، ضجيج عجيب يعبث بهدوئي وشعور صاخب يستفز رضوخي لما حدث ولما سيحدث ، هناك شيء واحد تستطيع أعماقي أن تصرخ حتى تهز أرجاء السماوات ولكن لن يسمعني أحد سوى الله حين اقول رب اني مغلوب فانتصر .