يرى القشة في عيون الناس، وفي عينه خشبة، مثل إيطالي يبرز أن الإنسان دائما ما ينتقد الآخرين ويبرز سلبياتهم، وينسى نفسه والسلبيات التي يحملها، وهذا ما قادني إلى أن أتحدث عن النقد وما تأثيره على الآخرين.
إن الله خلق الكون وفيه الشيء وضده، ومثالا على ذلك: خلق الله الأرض وبالمقابل خلق السماء وخلق اليابسة والبحر والذكر والأنثى والخير والشر، وهكذا.
ولما كان الإنسان من مخلوقات الله، فإنه من الطبيعي أن تكون فيه صفات حميدة وصفات غير حميدة ومقياس تلك الصفات وتقييمها يتراوح بين شخص وآخر، وهذا أيضا يجعل من أسلوب النقد غير متوازن.
كلنا يعلم أن الإنسان لا يصل إلى درجة الكمال فالكمال لله وحده جل جلاله، فمن البديهي أن نتعايش مع الواقع والتعامل من الآخرين على هذا الأساس، وإذا كان هناك نقد على أفعال أو تصرفات الطرف الآخر، فحري بنا أن يكون النقد على أسس سليمة وأسلوب حضاري دون التجريح أو المغالاة في النقد، ولا يمكن لنا أن ننتقد الآخر في جميع التصرفات وإلا تحولت هذه العادة إلى مرض ووباء ينفر من حولنا الآخرين.
إذا أردنا النصح فأسلوبه جليّ، وإن أردنا النقد، فبأسلوب لبق، أما إذا أردنا الذم وإبراز سلبيات الآخرين، فلا نعتب إن عشنا منعزلين ولا ننسى أن الإنسان اجتماعي بطبيعته ولا يرغب أحد منا أن يكون وحيدا.
وبالمقابل، علينا أن نتلقى النقد برحابة صدر وبكل إيجابية، وأن نحاول تحويل السلبية إلى إيجابية وكما جاء في سيرة الصحابة رضي الله عنهم، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحرص دائما على أن يبرز الناس عيوبه حتى يتدارك ويحاول تقليل تلك العيوب وكان يسأل الناس حتى أصبح يردد: «رحم الله امرئ أهداني عيوبي».
وإذا كان الطرف الآخر لا يجيد النقد البناء، فعلينا نحن أن نكون أكثر إدراكاً وإلماماً بكيفية التعامل مع هذه المواقف، ولا ننساق إلى التعصب وأخذ الأمور بطريقة سلبية، فالجدال والسجال لا يولد إلا الشقاق والفراق، وفي مثل هذه المواقف علينا أن نتبع الحكمة التي تقول: «اغلق أذنيك، إذا كنت لا تستطيع إغلاق أفواه الآخرين» حتى لا تتحول المحاورة إلى المطارحة.
وإن تعمد أحد الإساءة من خلال النقد غير الحضاري، فاعلم أنك ناجح بكل المقاييس، فلا تتبع ذلك الأسلوب، وإذا قابلنا الإساءة بالإساءة، فمتى تنتهي الإساءة، أعمل بقوله تعالى: «فمن عفا وأصلح فأجره على الله».
-
محمد شعيب الحماديالكاتب والباحث الإماراتي : محمد شعيب الحمادي. عضو اتحاد كتاب وأدباء الامارات ونادي دبي للصحافة الاصدارات: متى يعيش الوطن فينا 1&2 قصص قصيرة: صاحب السعادة. ما زال البحث جاريا.