كان يسعى لكسب ودها مهما كان الثمن، خاض من أجلها أقسى المعارك،لم يترك دربا إلا وسلكه ولا بابا إلا وطرقه، غامر بكل مايملك، أنفق في التودد لوصلها الغالي والنفيس، بدل مالايحصى من أقنعة وتنازل عن كل قيمة ومبدأ لأن غايته تبرر كل وسيلة.
أما هي فكانت تبادل إقباله بالنفور، ولهفته بالصدود،لم تلتفت لتوسلاته ومناجاته، لم يجن من مصاحبتها سوى السراب ولم يذق إلا الألم.
مضت الأيام سريعا على هذا الحال. لم تنجلي غشاوة بصيرته إلا عندما داهمه الموت ومر أمامه شريط حياته الذي حوى قناطيرا من تعاسة ودريهمات سعادة . لكن إفاقته من غيبوبته كانت بعد فوات الأوان.
اه كم كنت ساذجا وحقيرا،خسرت كل شيئ وأضعت الومضة القصيرة التي منحت لي بين مليارات السنين.
وأيقن أنه لم يكن سوى ضحية اخرى لفخ الوجود.كغيره من بلايين البشر الذين ولدو ونسجو آمالا لانهائية ثم تاهو في ظلمات الكون بلا جدوى إلا أن أصبحو نسيا منسيا.
اكتملت اللوحة أمامه وباتت واضحة وضوحا تاما لا لبس فيه.كل شيئ هو محض كابوس. ما الحياة سوى كذبة قبيحة مغلفة بإطار جذاب. باطل كل مافيها.نفني أعمارنا في محاولة اصطيادها لكن الحقيقة أننا نحن الفريسة.هي تلعب معنا الروليت الروسي لكن السلاح الذي بحوزتنا بلا رصاص.
حينها ابتسم ساخرا من نفسه وهمس كم هي لعينة هذه الدنيا ثم رحل بسلام.
فذي الدار أخون من مومس.. وأخدع من كفة الحابل
تفانى الرجال على حبها.. ولايحصلون على طائل (المتنبي)
-
Mohammed alawadhطبيب من السودان مهتم بالثقافة