لم يكن اخراج الجثث من الانقاض اختياري ..
ولم يكن عملاً سهلاً في الأصل ..
لكن ذلك لا يهم ..
ف ها أنا مشمّر عن ساعديَّ مجدداً، أصرخ بالجميع أن يهدؤوا لأسمع أصوات الناجين -إن بقي منهم أحد- تحت هذه العمارة الغير محظوظة ..
ما أرهقني لم يكن تلك الأحجار الثقيلة؛ ولا التقرحات على يديّ ورجليّ العاريتين؛ ولا وزن جثة ذاك العجوز مبتورةِ الأطراف ..
إن ما أرهقني حقاً هي أصواتُ أسمعها من تحت الأنقاض .. ما تلبث أن تخفت حين أصل إليها يائساً ..
لعلها الحياة تعلمني أن التعلق بالأمل أمر خاطئ؟ ..
الرجل العجوز إلى جانبي يبدو أنه ولد ليحفر في الأنقاض، وجهه صامت كالصنم ويداه تعمل بكد دون توقف ..
أراهن أنه كان يحترف الحفر في شبابه في حرب أخرى أو كوكب آخر ربما .. -عرفت لاحقاً أن حفيده كان من ضحايا هذه العمارة-
ربما سأغدو مثله عندما أصبح عجوزاً .. أو لربما أنتهي عجوزاً مبتور الأطراف يستخرجونه بصعوبة من تحت الأنقاض ..
الرئيس يخطب على التلفاز -في هذه الأثناء- عن انتصار الشعب والتعويضات للضحايا الناجين؛ والأمير على المذياع يبشر بالجنة والحور العين للشهداء ..
في الحياة نعيم وفي الموت نعيم؟ ..
لدينا خيارات كثيرة في هذه الحرب على ما يبدو ..
لكن الطفل الذي فقد يده منذ قليل لم يكن سعيداً حقاً بتلك الخيارات الكثيرة ..
أتساءل لماذا؟ ..
لم يكن خطئي أن تلك الطائرة قد أخطأت تجمع الارهابيين "في المدينة المجاورة" ..
ولم يكن خطئي أني قررت أن أبقى مع والدتي -التي توفيت في ما بعد من نقص الدواء- في هذه المدينة المشؤومة ..
لكن ذلك لا يهم ..
ف ها أنا مشمر عن ساعديَّ مجدداً، أصرخ بالجميع أن يهدؤوا لأسمع أصوات الناجين -ان بقي منهم أحد- تحت هذه العمارة الغير محظوظة ..
-
محمد بكريأكتب لي، لنفسي، لذاتي ولروحي، ثم لكم.
التعليقات
نشهد مناظر واحداث مروعة وثورة بقلبي تهيج شعلة نار .....
ليعيد الله امن وامان لك البلدان...سلاماا وتحيا على دار الامان
سلاما الى بقيع تلك الارض طاهره النقيه ..تحيتي ...
لقد اندمجت فيها للغاية و كأنما هي واقعيه