( لقد وجدناك أمام باب جامع . )
هكذا قالتها لي أمي و هي تضحك عندما سألتها (انا جيت ازاي ؟!) عندما كنت طفلاً , هذه الإجابه رغم أنها بدت بسيطة و مضحكة بالنسبة لأمي إلا أنها سبّبت لي إضطراباً لفترة من الوقت لأني أخذتها على محمل الجد , فأخذت أفكّر : هل هذا معناه أنها ليست أمي ! من تركني أمام باب الجامع و ذهب ! هل لدي أسرة أخرى غير أسرتي التي أعرفها!
(كيف أتيت للدنيا؟)
سؤال دائماً يسأله الأطفال و هم يتوقّعون منا إجابات ترضيهم لأنهم ينظرون لنا –الكبار- أننا نعرف كل شيء , لكن للأسف تأتي الإجابات في أغلبها باهتة مخيّبة لتوقّعاتهم من قبيل (لقد وجدناك أمام باب المنزل) أو (لقد إستيقظنا من النوم فوجدناك) , و هذه الإجابات رغم أننا نعتبرها بسيطة و مضحكة إلا أنها لا ترضي فضول الأطفال و تدخلهم في دوامة من الشكوك .
لا جدال أن هذا السؤال يصعب إجابة الطفل عليه , فأنت لا تريد أن تَرُد الطفل خائباً و في الوقت ذاته لا تريد أن تستفيض معه في تفاصيل لا تناسب سنه , و لقد بحثتُ كثيراً في هذا الأمر فلم أجد إجابة نموذجية لهذا السؤال و لكني توصّلت لبعض المبادئ التي سأتّبعها من أبنائي في المستقبل – إن شاء الله – , و هي :
عدم الاندهاش
الكثير من الآباء و الأمهات يتعجّبون عندما يسأل طفلهم هذا السؤال فيصيحون فيه (عيب ! كيف تسأل هذا السؤال!) و كأن الطفل قد إرتكب جرماً , و يعتبرون هذا السؤال علامة على إنحراف طفلهم و سوء سلوكه .
لا أعلم سبب إندهاش الأهالي من هذا السؤال , فالإنسان إذا إستيقظ من نومه و وجد نفسه في مكان غريب بالتأكيد سيتساءل (كيف أتيت هنا؟) , نفس الأمر بالنسبة للطفل , هو يريد أن يعرف كيف أتي للدنيا و هو سؤال منطقي , فلا داعي للإندهاش.
إحتياط الاب و الام
أحد الأسباب الرئيسية لأسئلة الأطفال المحرجة هي رؤية الطفل لأبويه أثناء علاقتهما الحميمية و هو ما يفتح باب للتساؤلات لديه كما أنه قد يعتقد خطأً أنه والده يؤذي والدته أو شيء من هذا القبيل , لذلك يجب أن يحتاط الأبوان أثناء علاقتهما.
الإجابة على قدر السؤال
في الغالب عندما يطلب أحد أصدقئنا المشورة في أمر ما نستفيض في إجابته و نخبره بكل ما نعلم عن هذا الأمر , لكن الأمر مختلف هنا , فنحن نريد أن نعطي للطفل ما يشبع فضوله فقط دون الدخول في تفاصيل لا تناسب سنه و لن نستطيع شرحها لها , لذلك فلا داعي للإسهاب في الإجابة على السؤال .
إسمع قبل أن تتحدث
هذه النقطة لا تتعلق فقط بالإجابة على الطفل بل هو مبدأ عام يمكن تطبيقه حتى مع الكبار , أن تسمع كل كلامه قبل أن تبدأ في الإجابة هو أمر هام فربما يتضمن كلامه مفتاح لإجابتك عليه .
البعد عن الخرافات
في أحد حلقات مسلسل (راجل و 6 ستات) سألت الطفلة أمها هذا السؤال (ماما أنا جيت إزاي؟) فقالت أمها (إني وضعت بعضاً من السكر أسفل السجّادة و عندما إستيقظنا وجدناكِ تحتها) , فما كان من الطفلة إلا أن إنتظرت حتى نامت والدتها و قامت بوضع بعض السكر أسفل السجادة , و بالطبع عندما نظرت أسفلها اليوم التالي لم تجد طفلاً لكن وجدت نملاً.
فلا داعي لمثل هذه الإجابات الخرافية لأن الطفل لن يقتنع بها إلا بعد أن يجرّبها , و بالطبع سيجد أن هذه الأمور التي أخبره بها والداه ليست صحيحة فسيفقد الثقة فيهما و لن يسألهما مجدداً عن أي شيء لكن سيتجه للإنترنت و ما أدراك ما الإنترنت في هذا العمر الصغير !
الصفقة
كثيراً ما يثقل الطفل كاهل أبويه بالأسئلة التي تأخذ وقتاً طويلاً للشرح أو ربما لم يستعد الأبوان لهذا السيل ما الأسئلة , فإذا قاما بعدم الرد عليه ربما يحزنه هذا فيقرر ألا يسألهما ثانيةً , فالأفضل هنا أن يلجأ الأبوان لحل وسط : فيتفقان معه أن جيبا على بعض أسئلته اليوم في مقابل أن يؤجّل باقي الأسئلة ليومٍ آخر .
علاقة صداقة
الطفل دائماً ما ينظر لأبويه أنهما الأفضل في العالم و هذا يظهر في تقليده لهما في كل شيء , فيجدر بنا أن نقوّي هذه العلاقة بحيث تصير علاقة صداقة بين الآباء و أبنائهم , فبدلاً من أن يلجأ الطفل لأصدقائه ليستشيرهم في أموره الشخصية , يستشير أبويه.
و هذه سلسلة فيديوهات تتحدث فيها الدكتورة هبه قطب عن كيفية الرد على أسئلة الأطفال المحرجة لمن أراد الإستزادة في هذا الأمر
و خلاصة القول : إن الإستعداد للزواج لا يعني فقط إعداد بيت الزوجية و حفل العُرس و ما إلى ذلك , لكن ينبغي أيضاً التخطيط لما بعد ذلك ألا و هو تربية الأطفال .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.