أجل، كنتُ قد أتممت عامي الثالث بعد العشرين، وأنهيت بذلك فصولي العديدة في الجامعة وتخرجت بدرجة جيدة، وكنت في أواخر فصولي الجامعة أحلم بالكثير عن الحياة بعد التخرج، وكمّ المعرفة التي أريد حصدها في تخصص معين في مجالي، لم أفكر كيف سأحصد تلك المعرفة إنما غرَّني العلم وشغفي الكبير بإنجاز شيء يفيد الوطن!
هكذا كانت تتوالى علي الأفكار، حتى بدأت فصلي قبل الأخير في الجامعة و قررت ان يكون بحث مشروعي التخرج للوطن من ألفه حتى يائه، وبالفعل بدأت عملية البحث و التنقيب عن موضوع يلامس الواقع لا فقط يلامس خيال المدرسين و المقيمين في لجنة تحكيم المشروع!
و وجدت ضالتي في مشروع بعنوان ( التخطيط المشترك المقاوم لقرى الريف الغربي في بيت لحم)، ومضيت في بحثي يدفعني الشغف عند كللي أو مللي، وأنهيت الفصل الأول و سابقني الوقت ووصلت للفصل الثاني مليئة بطاقة غير تلك التي كنت بها في فصلي الأول، وبدأت متابعة مشروعي أو لنقل طفلي الذي لم أنجبه، رويداً رويداً كبر، أصبت بالإحباط الأول من ذوي القربى، ليس بقصدٍ منهم لكنهم أجابوني على أسئلة طرحتها بحكم معرفتهم بالبلد، وقالوا لي أن المشروع شبه مستحيل لعدة أسباب وضحوها، عدت إلى نابلس مثقلة الخطى وكأنني أجر نفسي بالكاد وكأن وزني تضاعف إلى ما لا نهاية، وصلت لسكني وضعت أمتعتي جانباً واستلقيت على سريري كما أنا لم آبه لوقت المحاضرة التي كانت على وشك البدء تناسيت موضوعها ورحت أفكر بمشروعي المستحيل على حد تعبيرهم، أرهقني التفكير أغمضت عيناي لم تحدث معجزة كما ستتخيلون، وجدتني أجمع شتات نفسي وأعود ثانية إلى وعي القديم و حسي الوطني العميق الرفيع ! ووجدتني أذهب إلى المحاضرة بكامل الثقة!
وبعد برهة وجدتني أمسك قلماً واخط خطوطاً لا أعلم كيف خطتها يداي، وتسللت لعقلي فكرة قيمها أساتذتي بأنها جيدة ومناسبة حقاً، و صديقتي مدحتني وقالت لي : كيف خطرت لكِ مثل هذه الفكرة؟ فأجبتها ببلاهة : هيك! تفاجأت من عقلي الذي لم ينم و الذي أضناه التفكير كيف خرج بفكرة في ثوانٍ معدودة! لم أنشغل بذلك كثيراً وعدت إلى مقري وملاذي في غربتي لأكمل البناء على هذه الفكرة، وبالفعل أتممتها ولكن ليس كما أريد .
.... يتبـــــع
-
Jenan Daadouمهندسة على الطريق . . !
التعليقات
بداية مشوقة, في انتظار الأجزاء القادمة.