قالت لي قبيل رحيلها.. ''أجمل شـــئ بحياتنا هي ذكـــرياتنا...''
وددت الآن لو سألتها.. هل هذا بحق صحيح ..؟!
أم أنه كـــلام يقال في بيت القصـيـد وحسب .. ؟
ربما أنه شـــئ نسبي أكثر بحسب المواقف ...
فأنا أعلم جيدا بأن ذكرياتنا هي ميراثنا العــذب من المــاضي.. ولكني أعلم أيضا بأن من الذكريات الجميلة ما هو قـــاتلا....!
لم يمض أسبوعين علي حديثنا ..وبالأمس أفجعني رحيلها .. جارتي وصديقتي وذات القلب الطيب الجابر للخواطر بطيب حديثه .. أبتلك السهولة أصبحت هي الأخري ذكــــري...؟!
يوما بعد يوم..ندرك أن المـــوت شئ قاسي جدا..كم من أحبة غيبهم من حولنا ..كم من رسائل كادت لتصل ولـــن تصل .. !
كم من كلمــات توقفت ولن تقف أصداءها بعد ...
وكم من صــــور باهتة في الواقع .. حاضرة في الوجدان أبدا لا تغيـــب...
وغيــــاب واحد جديد قد جعل كل الغــائبيــــن حاضرين مجددا ..إنك الآن لن تبكي ميتا واحـــدا ولا راحلا واحـــدا .. بل تبكي العديدين ممن تركوا فراغات موحشة عبر الزمـــان فلا تعوضهم الأيـــام.. ولا يمهلنا التذكر أية فرصة نحو النســـيان.. فتشعر وكأنها أول مرة نحو الفقـــد...
وكل فقــد يتركك هكذا وحيــــدا ناقصا لشـــئ ما.. أبكمــــا لا تستطيع استرسال الكلمات التي اعتدتها ..معميـــا في حاضرك...غــائبا في ماضيك الحافل بذكراهم...
فأبـــكي و أبـــكي ..ولا أدري من منهم أبـــكي حقا...؟ أجدني أبــكي العشرات و أشيـــاء بعيدة جدا .. فكأن حزنــــا واحدا لم يعد ليكفي...
لما علي أن أتذكر كل شـــئ غــالبا فلا أنسي ..؟
ولما علي أن أذكر كل هؤلاء في صلاتي وفي دعائي وفي ذاكرتي وحدي أيضــــا...؟
فكأنني شخصية منسية في زمـــان الأبيض والأسود ولا تبرح أبدا ..لم أنساهم قط ولو لليلة واحدة فأنا سيئة في التخلي عن ذكرياتي .. وددت فقط لو يعلمون كم أذكرهم .. وددت لو كان بإمكاني طمأنتهم ولو بكلمة واحدة ...
إنها لمشقـــة أن تتذكر ولا تجيد النـــسيان..
ثم إنها لمشقـــة أكبـــر كونك تتذكر ولا شـــئ يعود أو يعاد بأية صورة .. ولا شـــئ يملأ فراغ شـــئ آخـــر...
كل من هؤلاء قد ترك مكانا لا يتسع لغيره ولا أحد يعوض غيــــاب أحد ..إنما تزدحم الأماكن الشاغرة بآخرين وحســــب...!
من الأمس قد بدأت معاناة جــديــدة نحو الفقـــد...مع مزيد من التــــذكر التــــذكر حتي تشقي الــذاكرة...أو حتي يحن المـــاضي أو ليشفق علي حاضره ...
إنما هي أمنــــيات و كــذبـات مترامية عبر سنوات العمــــر .. كـــذبة الأمل ..كـــذبة النســـيان ..وكـــذبة التأقلم..
وما العمــــر كله إلا كــذبـات.. وخـطـوات بطيئـــة نحو حقيقة واحدة قـــاسية هي المــوت...
تبا لكل متـــاهات الغيـــاب القـــاتلة.. و لكل معاني الفقــــد .......
بقلمي: إيمــان فـايد
طبيبــة امتياز.. مستشفيات جامعة طنطا
الجمعــة : 21 أغسطس 2020
-
Eman Fayed5Th Year Medical Student..Faculty Of Medicine ..Tanta University..Egypt writtting..reading❤️❤️ Article Writter..veto gate..