خلف كل عظيم وجع كبير ،وحكاية كان لها بالغ الأثر في نفسه وروحه ,شيء صفعه ولكنه صنعه ,آلمه وأفجعه لكنه أسلمه لمراتب النجاح وسُلم التقدم فصار ما صار بعد مكابدة وعناء.
لن أبالغ إن قلت أن العظماء جميعهم كابدوا ألما وحملوا سرا تُرجم في نجاحهم ربما ظهر للعيان وربما ظل دفينا، الكل مبتلى في تلك الحياة، القوي وحده من يصنع من متاعبه تقدمه ويسخر ظروفه ليضع لبنة مجده الأولى ويواصل السير حثيثا.
إن نظرنا في سير العظماء نجد بيتهوفن الموسيقيُ العظيم توفيت والدته في صغره وهو ابن سبع ،بدأ عزف الموسيقى صغيرا فاستقى من ألمها لحنا ،في الثلاثين فقد سمعه ماعاد يصله من أصوات العالم شيئا فصنع بموسيقاه دنيا جديدة له تحمل ألمه بل إن ابداعه زاد في فترة صممه وامتاز بإبداع أكبر واكتسبت اثنتان من السيمفونيات التي كتبها أكبر شعبيه ،وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة .
وانظر إلى أديسون مخترع المصباح كم كانت حياته بائسة وصعبة وكيف عانى في البداية وتعثر حيث عانى من مشاكل في السمع في سن باكرة وانتقلت عائلته إلى لبورت هورون بولاية ميشيغان بعد تدني مستوى العمل ،باع الحلوى والصحف في قطارات ديترويت ،كما باع الخضروات لتعزيز دخله.
يُذكر أيضا أنه درس التحليل النوعي وقام بإجراء التجارب الكيميائية في القطار إلى أن وقعت حادثة حظرت القيام بمزيد من تلك الأعمال.
حصُل بعدها على حق حصري في بيع الصحف على الطريق بالتعاون مع أربعة من المساعدين وكان ذلك سببا لانطلاقه للعديد من المشاريع الريادية.
هكذا كانت حياته حياة ليست يسيرة في الصغر وكبوات وانهزامات في الطريق لكنها كانت دافعا لمزيد من الخطوات في المستقبل .
الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي وهيامه بمحبوبته الذي سكبه في قوالب كلماته العذبة في كتبه ومؤلفاته وهو يصف حبه العذري لها واشتياقه اليها والحنين الذي يكابده ،عبأ مدواته بألم الحب وشرع يكتب نثرا وشعرا ورسائلَ ظلت خالدة.
والطفلة الصغيرة ماري التي مكثت بعيدا عن بيت أسرتها في مدينة الناصرة بفلسطين حيث كانت في إحدى المدارس الداخلية بلبنان بعد رحيلها عن فلسطين حيث أحست بانتزاع الدفء والأمان لأول مرة وعاشت الوحدة والقلق اللذين لازماها لنهاية العمر.
عاشت بعيدا عن أمها الفلسطينية وأبيها اللبناني ولكنها حولت حرمانها وجوعها الدفين للدفء والحنان إلى نهم بالثقافة والفكر والاكتشاف والمعرفة حتى أصبحت اسما خالدا "مي زيادة"
نعم ,انها سير عظماء كان لهم باع طويل مع الألم والمتاعب التي لاقتهم فصفعتهم وصنعتهم وصارت مدادا يغرس فيه الكاتب قلمه فيرسم أعذب الكلمات وتولد أعذب النغمات على الة الموسيقي ويرسم بها الفنان أبدع لوحاته ،الكل يبدع على طريقته وحدها الأوجاع تغدو القاسم المشترك.
فالحياة لا تمنحنا ما نروم إلا أن يكون محفوفا بالمتاعب ,لذا استمتع بمتاعبك وكن على يقين بأن ألم اليوم راحة الغد وشقاوته سعادة المستقبل وحينها ستُقَبل جبين كل الأشياء السيئة في هذا العالم وتلوح لها شكرا فقد منحتِني الحياة.
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...
التعليقات
كنت أقرأ البارحة عن حياة التشرد لمكسيم غوركي. عن فقر غابرييل ماركيز. عن معاناة حنا مينة. كل واحد منهم ، من عتمة أيامه صنع نوره الخاص. شكراً لك
فعلا رسائل الرافعي في فلسفة الحب والجمال أكثر من رائعة.. سلسلتي المفضلة ^^
كل التوفيق