القلب الحائر
" بصبر على الجوع .. ما بصبر على الفرقة "
نشر في 10 شتنبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
هل تعلم معنى أن يتقلب قلب فوق تقلبه؟ أن يقضي سنيناً طوال ، لا السعادة يعرف لها لوناً يميزها عن الحزن و لا الحزن يحسه فيذمه؟ بل ربما دعا ليالٍ طوال و طلب أن يشعر بالحزن؟
أن يبحث بهوس عن فيلم شديد البؤس كي يبكي فلا يبكي، أن تضع أمامه أدواتاً تؤذي فيكون أقل إيمانه أن "يفكر" إن لامست هذه الأدوات جلده ،فهل سيشعر؟
أضعف إيمانه -إن سيطر على فراغه الكبير- أن يعض على أصابعه و أذرعه؟ أو ربما يتجاهل كونه جسداً مادياً؟
أن يتمنى حدوث مفاجئة من أي نوع كي يشعر فقط..
و تمر السنين، يحاول جاهداً فيها إلزام نفسه بنظام متزمت و اجتهادٍ عالٍ ينقلب في النهاية إلى كره التواجد في محيط أكبر من جدرانه الأربعة، يخاصم حتى صوته و صورته، يتخلف عن مواعيده، يتجنب أن يضع نفسه في مواقف تضطره للادعاء أنه بخير و بكامل طاقته بينما كل الذي يتمناه أحياناً هو اندلاع حرب و انتقاء الحرب لموته، ثم مصارعة ضميره .. الشيء الوحيد الذي بقي حياً منه.. يجلده..
يقول له: تباً لك، لا تقدر هذه النعمة..
يقول له شيطان عقله " ما فائدة نعمة لا نتذوقها؟ "..
و إذ بدعواه تستجاب فتحدث أمور فجائية كثيرة دفعةً واحدة تجعله يسترد الكثير من المشاعر، ترتطم به المشاعر كأنها أمواج الوتد.
كم سيحتمل صدف المرء الداخلي؟ فصرحه المسيج الصلب سينهار في النهاية، و منزله الهش لن يستطيع احتواء كل هذه المشاعر التي عادت فجأة بعد غياب طال سنيناً كان المرء فيها نسي صفتها!
و كيف يتعامل المرء مع ما لا يستطيع احتوائه؟
يصبح المرء قنبلة موقوتة لا يبدو عليها ملامح الخطر ،و لكن في النهاية يدمر ذاته و يدمر من حوله، يحمل ذنبه كخطيئة كبيرة..خطيئة أنه صاحب هذا "القلب الحائر"..
يطلب من قلبه أن يجوعه المشاعر و لكن لا يحرمه منها ، و أن لا يمنحها له عندما يمنحها أزيد من المطلوب و الصحي..
بصبر على الجوع .. ما بصبر على الفرقة
يريد أن يتوقف عن كونه عميق المشاعر و لكنه يريد حماية ذاته بجليد كاذب، هذه خطيئة هذا المرء .. خطيئته قلبه الحائر.
-
آيــآشخصٌ يحتضن ذاته برفق ~ مهتمة بالفنون ككل و بالكتابة.