- طق .. طق .. طق
طرقات خفيفة بالكاد سمعها لكنها وقعت على قلبه كــ دوّي القنابل، شعر بأنّ المسافة التي تفصله عن الباب هي ذات المسافة التي تفصله عن الموت .
قريبة مخيفة ،، بعيدة مريبة في آن ،
- صمتا لا أريد أن أسمع صوتا .
يصرخ كي يسكت من يعيشون في رأسه،رغم ذلك ما زالوا يثرثرون غير مباليين بصراخه ، يمشي نحو الباب بخطى قصيرة غير ثابتة ، كأنّ الجاذبية في أرضيته موزعة بشكل غير صحيح، يشعر بالذعر ، وبثقل فظيع وكأنّه رجل مسنّ يحمل اطنانا من الرجال الممتلئين فوق ظهره ، يحملون الحديد على ظهورهم ، وفوق كومة الحديد المتراكم كومة قش ، مليئة بالحشرات الزاحفة ، لكنها تأبى أن تزحف ، أبت الحراك فجأة ، وفوق كومة القش رزمة من الأموال من فئة الألف ،
حاول أن يزيح أحد الرجال لتهتز كومة القش وتسقط الرزمة على الأرض، لكنه تلقى سريعا ضربة على رأسه كي لا يفكّر بشئ من هذا القبيل، زادته هذه الضربة ثقلا من نوعا آخر، وبعد معاناة وصل الى الباب ،
حين رأى من يقف خلف الباب شعر بأنّ سحابة سوداء جعلت طقس منزله مظلما وباردا، كانت مليئة بالأمطار القوية، كـ تلك التي تفجّر الصخر وتقسمه إلى أقسام متعددة، وتبعثر أجزاءه ريح عاصفة تجعل الأجزاء من شدّتها كالرّماد المتناثر الذي يستحيل جمعه و إعادته لصورته السابقة،
لم يتمكن من فتح الباب ، ظلّ واقفا ، حائرا ، فاتحا فمه ، مصدوما، خائفا، يحاول أن يتوّهج صبرا لكنّ السحابة سرعان ما تطفئ الوهج، يبقى واقفا لفترة طويلة يأبى فتح الباب ،
إلى أن شعر الضيف المفاجئ بثقل مفاجئته و رحل ،
عندها عاد كل شئ لطبيعته ، ارتشف الرجل قهوته الباردة وهو يبتسم ، ظلّ يقهقه بصوت عالي ، حتى تعجّب سكان رأسه من سعادته المفاجئة .
-
creator writerJ.A
التعليقات
قصة صغيرة في أسطرها و لكنها تحمل بين سطورها الف سؤال ..
و الف معنى ...
ابدعت حقا
من طرق الباب إلى تناول القهوة مسافة زمنية ومكانية قصيرة جداً. حولتها الكاتبة إلى لوحةمعبّرة مليئة بالأوصاف المشوّقة واضحة المعالم لتخفي خلفها ألف سؤال وسؤال عن ماهية الأشياء وحقيقتها.
نجحت الكاتبة في فرض نفسها في فن التجريد في القصة أكثر من أيّ مرة مضت. هذا الفنّ الذي لا أجرؤ على خوضه البتة. لعلي أتعلم على يديها تدريجيا استعمال بعض أدواته والتسلّح ببعض مؤهلاته. بوركت ابنتي
اتمنى لكِ التألق الدائم.
"يصرخ كي يسكت من يعيشون في رأسه"،ذكي جدا ،لا حدود لخياله ،لا يستطيع التحكم بموج افكاره المتلاطمة ،التوقع عنده بدون حدود .
يحمل على ظهره الدنيا بمفارقاتها ، لا يصل الى السعادة ظن لوقت ربما بأن المال قد يحقق السعادة ولكن تجاربه أكدت له العكس،
من الزائر؟ قريب خائن ،او حب ضائع ،او واقع مر او .....احتمالات كثيرة .
رحيل الضيف... البطل مازل يحتفظ ببعض التقدير للزائر.
الخاتمة تحمل اكثر من تحليل اما ان تكون سعيدة او حزينة ،لكن على العموم البطل يحب القهوة ساخنة جدا ...اذا اخطأت فابتسمي على الأقل.
كاتبتنا الرائعة لا تغيبي فنحن نسعد جدا بالقراءة لك.