-صمتٌ مديد ..
أخبريني ما بكِ؟
هذه المرة أنا أسألك ما بك ، لا أريد لأحد آخر أن يسألك ..
ماذا تشعرين؟
-ابتسامة باردة، و شعور مبهم..-
ماذا أشعر؟ .. أشعر بأنني أريد الحديث عن كل ما يشعر به قلبي اليوم و كل ما شعرت به يوماً.. فقط الحديث ..
هل تشعرين بأنك تريدين بكاء مافي قلبك ؟
_ لا ، لا أريد البكاء ، أريد أن أتقيأ كل ما في قلبي ، كل
ما بداخله .. على شكل حديث مكثف لا ينتهي ربما أو على شكل سعادة مريبة و عارمة.. تجبر كل حزن بداخلي..
-هل تخشين السعادة؟
أخشى أن لا أمسك بيد السعادة و يفوت الأوآن .. أخشى الرحيل دون التحدث .. إلى أي شيء .. سماء قمر نجمة شخص عابر .. أو ربما لشخصي المفضّل..
-لا تصمتي عزيزتي ، أكملي ....
لا أريد، أريد الرحيل بشدّة.
-إلى أين ؟ كيف ؟ ..
لا أملك أدنى فكرة، أودّ الرحيل فقط ، بلا عودة .. إلى مكان بعيد..بعيد جدا.. دون هاتفي النقال و دون أن أحن إلى عائلتي أو أي شخص .. دون أن أودع اصدقائي و دون أن يرافقوني...
- أنانية لهذا الحد ؟
لا أشعر أنني أنانية ، كما لو أن لي الحق برؤية الشمس من مكان اخر و صباح اخر .. مع شخص آخر .. ربما !
أريد الذهاب إلى هناك .. إلى عالم الربيع و شجر الصنوبر.. و وادٍ سحيق .. أريد أن أرى الكثير و أشعر كأنني أرقص أمام الأوراق الخضراء و أنني أغفو هكذا قليلا في خباياها .. و أنني أحكي حكايتي للشمس و أغزل أجمل ذكرياتي من ضوءها .. أريد أن أمشط شعري تحت ضوء القمر و أستريح أمام الشاطئ و أصاحب سرطان البحر.. ثم أترك له بعض من كلماتي .. لربما في ليلة ما سيعود بها إلى من أحب..
-و من تحبين ؟
حكاية آخرى .. أحب شخص لن يفلت يدي في منتصف هذه الرحلة ، و لن تتعبني معه أقدامي من السفر ، شخص لن يعود للوراء مهما حدث ، شخص رأى في عيني الشمس و الأمنيات، سيقول لي أحبك عند كل استراحة في الطريق، سيأخذ الشوك مني و يزرع الورد مكانه... شخص سيذهب معي إلى ما خلف الحدود .. إلى حيث ننتمي.. إلى الوطن ..
-هذا يعني أنك لا تحبين شخص ما!
- إنه ليس هنا الآن، و لكني أستطيع أن أتخيله! نصفه واقع موجود و نصفه الآخر ذكرى لم تكتمل، كان قريب جدا من أن يصبح ... من أُحب.
-لماذا لم يصبح ؟
- كان قد أفلت يدي قبل منتصف الطريق ، كنت لا أخشى شيء، و كان يخشى الكثير .. أنهيت الصفحة .. كاتبة " من لا يعرف الشجاعة ، لا يعرف الحب " ، وافقنى الرأي بهزّة رأس ، و كلٌّ صار من طريق ...
-هل كان يستحق ؟
سآخذ نفس عميق قبل الإجابة على سؤالك............
كان قريب جدا من أن يستحق .
-هذا يعني لا ؟
-هذا يعني أن الطريق لم يستحق..
فإذا الطريق خان ، الرفيق خان أيضا..
-لكن الرفقة لا تنتهي بانتهاء الطريق !
أعلم ذلك، لهذا ما زلت ألاحق طيفه .. مازلت أحفر في الصخر كي أجد أصغر ذكرى بيننا.. مازلت أحبه بشدة .. و مازلت أبحث عن طريق آخر للرحيل ...
.....صمتٌ مديد ..........
-هل أنهيتي حديثك ؟
يقولون دائما أن للحديث بقية ، لكنني سأقول ..
لنا بقيّة و لي ضربة حظ أخرى..
لي فرصة آخرى و حديث آخر..
لا بد من الصمت ، كي أستطيع إكمال ما تبقى ..
- تذهبين الآن ؟ إلى أين ؟
نعم ، أذهب الآن ... إلى نفسي .
-انتظري ، سأسألك عن شيء. ..
- هل تسمعيني؟؟
- هل أنت هنا... ؟
ذهبتِ ؟
لكن ، متى البقيّة، و من سيكمل صمتك ؟؟
.......... ..........
-
Mais Souliasالكتابة ليست مجرد ورقة وقلم , إنما حوار بين الإحساس والصمت ، أكتب لأنني أشعر، لأنني.. أريد أن أحيا لا أن أنجو❤