هل مازلنا نحتاج إلى الهجرة؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل مازلنا نحتاج إلى الهجرة؟

دروس وعبر من سيرة سيد البشر

  نشر في 24 أكتوبر 2017 .

الحمد لله الكريم المنان، ذي الجلال والإكرام،  والفضل والإحسان،  الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام،  وجعلنا من أمة خير الأنام، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام 


أما بعد، فعندما نتحدث عن الهجرة النبوية كثيرا ما نسرد أحداثها، ونروي وقائعها، ونشير إلى أسبابها ونتائجها، والقليل من يلتفت إلى دروسها وعبرها، التي من شأنها أن تغير مسار حياتنا، وتأخذنا نحو صلاح دنيانا وديننا


هل تأملنا يوما مواقفها؟ وهل تأملنا يوما أسبابها ونتائجها؟ وهل تأملنا يوما كيف كان المسلمون قبلها؟ وكيف صاروا بعدها؟ إننا بحاجة إلى التأمل والنظر، بحاجة إلى أخذ الدروس والعبر، حتى ننهض ونستقر، ونعلو ونستمر، فوالله إننا لفي خطر، نعم في خطر كلما ابتعدنا عن ديننا، كلما اتبعنا شهواتنا وملذاتنا، كلما ابتعدنا عن كتاب ربنا، وغفلنا عن سنة حبيبنا


ربما يقول البعض إننا لسنا بحاجة إلى الهجرة، خصوصا بعدما استقرت الدعوة، وقامت الدولة، ربما يقول البعض إننا لسنا بحاجة إلى مدارسة الهجرة فتلك أحداث قد مضت، وأحوال قد تغيرت، إننا لن نهاجر فقد مضى زمن الهجرة 


نعم صحيح، قد مضى زمن الهجرة، وانتشرت الدعوة، وقامت الدولة،  ولكننا ما زلنا نحتاج إلى جولة، نحتاج إلى جولة لنعرف تاريخنا، نحتاج إلى جولة لنتعلم سيرة نبينا، نحتاج إلى جولة نربي فيها أنفسنا، نحتاج إلى جولة نتعلم منها الدروس التي تغير  مجرى حياتنا 


إننا بحاجة إلى أن نهاجر من الشهوات والملذات إلى الطاعات، نهاجر من المعاصي والذنوب إلى القربات، نهاجر بعيدا عن أنفسنا ووساوس الشياطين إلى مناجاة رب العالمين 


إننا بحاجة في كل لحظة أن نهاجر إلى الله سبحانه وتعالى ونبتعد عن كل ما يغضبه، ونترك كل ما يبعدنا عن منهجه، نلجأ إليه، ونستعين به، ونستمسك بحبله، وهو القائل "ففروا إلى الله"


نحن في حاجة أن تهاجر عقولنا؛ تتدبر وتتفكر آياته وعظائم قدرته، والآيات كثيرة لو تأملها عاقل لعرف الله حق المعرفة، وأدرك أنه الخالق المبدع المستحق للعبادة "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات" ، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"


نحن في حاجة أن تهاجر قلوبنا؛ تخشع وتطمئن لربها، ترجو رحمته، وتخشى عذابه، ترجو مغفرته، وتخشى عقابه "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا"


نحن في حاجة أن تهاجر نفوسنا؛ تخضع وترضى بما قدره الله عز وجل لنا، حتى تسمو وتعلو عن كل دنية، وفي الحديث (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)


نحن في حاجة أن تهاجر جوارحنا؛ تبلى وتفنى في عمل الخيرات، وتبتعد عن المنكرات، حتى ننعم بها، ففي الأثر (حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر)


نحن في حاجة أن تهاجر أرواحنا، تتعلق بحب الله ورسوله، وحب كل بر وطاعة، ففي الأحاديث الصحيحة (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...)، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)


إننا لسنا في حاجة أن تهاجر أجسادنا قدر حاجتنا أن نهاجر ونتعلم ونستفيد في كل المجالات التي تخدم حياتنا


لسنا في حاجة أن نهاجر ونترك أوطاننا قدر حاجتنا إلى التكاتف والتآلف والتعاون من أجل التنمية، كل منا عليه مسئولية تجاه نفسه وأهله ومجتمعه ووطنه فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته


لسنا في حاجة أن نهاجر إلى ثقافات أخرى قدر حاجتنا إلى العودة والتمسك بثقافتنا الإسلامية الرشيدة


لسنا في حاجة أن نهاجر إلى كل ما هو جديد فحسب قدر حاجتنا إلى العودة الى تراثنا وحضارتنا لنعرف كيف بنى السابقون مجدهم، وكيف كان شعلة نور أضاءت عصورا مظلمة، كادت بل أودت بكثير من الشعوب إلى ضياع


نتعلم من الهجرة: الصبر والتحمل، قوة الإيمان واليقين بالله، التضحية وبذل كل غال ونفيس لدين الله، الصدق والأمانة،  حب الأوطان والولاء والانتماء،  العفو والمسامحة، الإخلاص في كل عمل فما كان لله عظم أجره، وعلا شأنه،  ورقّي صاحبه، ووجبت محبته


فاللهم إنى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.


كتبه أبو العمرين

القاهرة ١٧ أكتوبر  ٢٠١٧م


  • 1

   نشر في 24 أكتوبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا