حصــــــــــــار ....بقلمي: إيمـــان فايد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حصــــــــــــار ....بقلمي: إيمـــان فايد

  نشر في 05 مارس 2022 .


أنا دوما محاصرة في أرجاء الطب لا أبرحه ..

تلك الفترة تمر الأيام بي ثقيلة جداً .. كلما سجنتني الامتحانات واحتلتني الكتب كلما أحسست أن العمر يجري بوتيرة واحدة لا أشعرها حياة عادية..إنما أشبه بسجن كئيب ....

فالحياة خارج ذلك الروتين إنما هي أيضا صعبة ولكن متنوعة...

ولأنني شخصية تحب التجديد دوما .. فتمر بي الأيام كأنما هي يوم واحد قدره مائة يوم ...

حتي إذا ما أنهيت الإختبارات فتعود حياتي مجدداً حياة عادية .. بفرحها وحزنها بتفائلها مجدداً نحو الحياة ..

لا أحد يصدق بأن دراسة الطب تشبه ورماً متوغلاً في أجسادنا لا يقف ولا يريد أن ينتهي ...

قد يقضي علينا ولكن الصورة الخارجية جميلة بعض الشئ ..

ولا أحد يدري بأنها ضريبة ثقيلة جدا علي الكاهل ..

مر ما يقارب التسع سنوات منذ التحاقي بكلية الطب إلي يومنا هذا ...

أعتقد بأن عمري قد توقف عند اليوم الذي يسبق التحاقي بها .. إذ كان عمري حينها يقارب الستة عشر عاماً ...وإنه نفس التوقيت الذي رحل به أبي وفارقني ...إنما هي أيام غير محسوبة من عمري ..قد عشتها محاصرة بين الكتب....

وأكثر ما يجعلني في حالة توتر بأن أوضع تحت ذلك الحصار دوماً ...

ولكني أحب حريتي ..و أحب ممارسة الطب خارج أسوار تلك الكتب اللعينة...

أحب لقاء المرضي والسماع إليهم .. وأحب مهنتي وبشدة.. ولكني لا أحب حصارها ولا التزاماتها التي هي أشبه بسجن كئيب ...

سنوات مترامية من التوتر والقلق المتصل ولا أحد يُقدر .. لا أحد يصدق كم الضغط الذي مررنا به منذ أول يوم بكلية الطب إلي الآن ...

كل الأيام التي مضت من عمري في دراسة الطب لم أعشها بحق ...

ظننت أن المأساه ستنتهي بتخرجي بل كانت امتداداً لورم جديد لا زال ينمو بدواخلنا... ولكن تلك المرة وأنا بعيدة عن رفاق السبع سنوات..

أتذكر كم ذاكرنا سوياً .. ذكريات هانت برفقتهم كانت رفقتهم هي الدواء الذي يداوي جروحي ...

قد تراني دوما متفائلة ذات وجه طلق مبتسم... ولكن بالداخل أنزف مما ألم بي جراء الطب ولكن لا يحق لي بأن أشكو أبداً ...فتعلمت الصمت بطريقةقاتلة ..فلن تراني أشكو حالي ...

أصمت وفي صمت الكثير من الكلام .. لقد كان الفضل الأكبر للطب الذي فعل الكثير بشخصيتي ...

ومن جراء ضيق حياتي بين كل تلك الكتب التي لن أستطيع الإستغناء عن أحدهم ..والتي ألجأ إليها بكل عام.. من ثم تحاوطني بشكل دائري كأنما هي خناجر تطعنني كل عام ...

الآن إن سألتني..ما إن صارت لدي ابنة يوماً ماً فلن أختار لها الطب طريقاً أبداً..

أما عني ..فسأختاره مجدداً فأنا أبحث دوماً عن الشقاء ..وأعرف أن أحتمل الأشياء فوق طاقاتي وإنها لمن أعظم مكاسب الطب بي علمني الإحتمال ..علمني الصبر ..علمني التجاهل ..علمني الصمت ... علمني أن أصبح إنساناً قبل أي شئ...

وبكل عام تتجدد قصتي بل و تزداد سطورها .. نفس الحصار ..نفس الألم النفسي ..

تتغير المسميات والألم واحد .. إنما هو حصار نفسي...

مــــــا أســــــــوأ أن تبقي أسيــــــــــــــــــراً .....!

بقلمي: إيمـــــان فايد

طبيبة بشرية

السبت : ٥ مـــــارس ٢٠٢٢



  • Eman Fayed
    5Th Year Medical Student..Faculty Of Medicine ..Tanta University..Egypt writtting..reading❤️❤️ Article Writter..veto gate..
   نشر في 05 مارس 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا