من بدائع الخالق: اللدونة العصبية Neuroplasticity - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من بدائع الخالق: اللدونة العصبية Neuroplasticity

بحث في الاكتشاف المبهر لقدرات الدماغ و غوص في نموذج من بدائع خلق الله تعالى...

  نشر في 18 شتنبر 2017 .

مقدمة حول مصادر البحث:

يأتي هذا البحث -أبريل 2017- في إطار إثراء الوعي بالذات كمدخل للتنمية الذاتية. ويأتي الموضوع المندرج في مجال العلوم العصبية كنقطة بداية لاستيعاب قدراتنا الفريدة على التغيير الشخصي ... وقد استمتعت بالغوص في جوانبه الشيقة والإبحار في ماهية هذه الخاصية العجيبة التي يتفرد بها الدماغ البشري.

في بداية البحث وجدت الموضوع معقدا شيئا ما مع تداخل في اختصاصات علمية متعددة بالاضافة الى قلة المصادر باللغة العربية... حتى حصلت على كتاب مترجم كان من الرائع تخصيص وقت من حين لاخر للقراءة السريعة لمحتواه. وتطلب مني الأمر بحثا متواصلا بعد أن وجدت الموضوع فعلا يستحق منا الجهد والشغف للإحاطة ببعض جوانبه. ومع توالي البحث وجدت عدة مصادر باللغة الانجليزية وكان جد ممتع قراءتها والابحار فيها لكن فقط قمت بالاطلاع على بعض الصفحات نظرا لكون المحتوى الكلي لهذه الكتب غير متوفر في متصفح الكتب بغوغل ولا حتى بتطبيقات الكتب الالكترونية لاندروويد مع تسجيل هيمنة المصادر باللغة الانجليزية بشكل واضح...  ولتجاوز هذه الصعوبة لزمني مواصلة البحث والتعمق في هذا الموضوع ما فتح لي افاقا واسعة لتعلم الكثير حول امكانيات العقل البشري وما تمنحه لنا خاصية اللدونة العصبية... 

الكتاب الذي اعتمدته هو: الدماغ وكيف يطور بنيته وأداءه The Brain That Changes Itself لكاتبه الدكتور نورمان دويدج-2009.



إليكم ملخصا بأهم الأفكار الواردة في البحث:

مقدمة:

قال تعالى:
" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ " سورة فصلت اية 53

يعتبر المخ البشري معجزة ربانية. وتستمر الدراسات حول قدرات المخ البشري لتكشف عن أسرار بديع صنع الله تعالى.

فتلك الكتلة اللحمية الصغيرة نسبيا تتكون من ثلاثة الاف من النورونات التي تنتج في كل ثانية عند الجنين، وتبلغ عند الولادة حوالي 100 مليار، أما عدد التشابكات التي تحدثها هذه العصبونات فيعتقد أنها تفوق كل الأجرام السماوية الموجودة في مجرتنا .

ومن أهم اكتشافات العلوم العصبية هو أن الدماغ بنية تطورية مفتوحة على التبدل المستمر. فالعلم يعطينا اليوم نظرة ثورية لهذا العضو القادر على التغير والتجديد والتطور وعلى طول الحياة عكس النظرية القديمة القائلة بأن الدماغ الة ثابتة. مما يفتح لنا افاقا كي نزداد ذكاء ومهارة وتعلما... والامكانات التي يقدمها مفهوم اللدونة العصبية  كبيرة وتطبيقاتها تصل إلى درجة إعادة تأهيل الدماغ في التعافي بعد سكتة دماغية. وقد أورد الدكتور نورمان دويدج في كتابه الدماغ وكيف يطور بنيته وأداءه مجموعة من النجاحات المبهرة المرتكزة على هذا المفهوم.

مفهوم اللدونة العصبية:

يعرف الدكتور نورمان دويدج هذا المفهوم بقوله: 

يشير مصطلح اللدونة العصبية إلى ليونة الخلايا العصبية في أدمغتنا وأجهزتنا العصبية وقابليتها للتغيير. 

اذن فهذه الخاصية تعبر عن قدرة الدماغ على تغيير خصائصه البيولوجية والكيميائية والفيزيائية. وهذا التغيير ينتج عن طريق مجموعة واسعة من العوامل البيئية والتجريبية، وقد يحدث بسبب التعلمات الجديدة التي تتاح للدماغ من طرف البيئة المحفزة لذلك. وهناك لدونة وظيفية وبنيوية.

نبذة تاريخية:

إن اللدونة خاصية متأصلة في الدماغ البشري منذ زمن ما قبل التاريخ. والدماغ نظام منفتح أكثر بكثير مما نتصوره. لقد منحنا الله نعمة عظيمة لمساعدتنا في إدراك واستيعاب العالم من حولنا... منحنا دماغا ينجو في عالم متغير بتغيير نفسه.

 كانت بداية ظهور مصطلح اللدونة العصبية عام 1890 على يد وليام جيمس لكنه لم ينل اهتمام أطباء الأعصاب .وفي عام 1981 في عام أثبت بحث كارل لاشلي وجود اللدونة العصبية فوضع بذلك ركيزة هامة في هذا المجال. وفي فترة الستينيات قدم بول باخ ريتا اختراعا لفاقدي البصر وكان ذلك الجهاز التطبيق الأولي في هذا المجال والذي أكد فعلا أن المخ يتمتع باللدونة العصبية بعد أن تكيف المرضى مع الاشارات المستقبلة عن طريق اللمس والتي تحولت في الدماغ الى معلومات بصرية عن طريق التدريب. وهكذا توالت البحوث لتجعل من هذه الخاصية الفريدة بوابة أمل لعلاج الكثير من الحالات واستعادة الانسان حياته بشكل عاد كما تعددت بذلك الأمثلة في كتاب الدكتور نورمان دويدج...

بعض تطبيقات اللدونة العصبية: 

اكتشف العلم أن السبب الجوهري لاندثار الذاكرة وبعض الأمراض العصبية والنفسية هو توقف الدماغ عن إنتاج الخلايا العصبية وتجديدها والاكتفاء بالعدد الأصلي الذي وصل إليه عند سن البلوغ، والمسببات الرئيسية هي :

-عدم التعلم اليومي والمستمر، والتفاعل وإنضاج الأفكار

- الخضوع للضغوط الخارجية وكل المشاعر المرافقة له من قلق وخوف وحزن الخ...

- قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم

- تناول الأدوية النفسية والعصبية بشكل منتظم

- العزلة الاجتماعية والانطواء..

.......

ويجدر بنا التطرق إلى بعض من تطبيقات اللدونة العصبية في علوم الأعصاب: 

- التعافي من بعض الاضطرابات الوظيفية للجسم (الوظيفة الحركية، الرؤية، الوعي بالحيز المكاني ، التوازن، الأطراف الوهمية وتأقلم الدماغ مع بتر الأعضاء عن طريق التخلص من الألم المزمن، الجهاز السمعي، البصر، البدائل الحسية...)

- علاج الإصابات الدماغية كالسكتات الدماغية والضرر الدماغي 

- تغيير العادات السلبية بأخرى ايجابية كالتغلب على الإدمان والتعود بدله على الرياضة ...

- التغلب على الصعوبات التعلمية، تقوية قدرة الدماغ في عملية التذكر وتوليد الأفكار الإبداعية والرفع من مستويات  الذكاءات المتعددة عن طريق التشابك بين العصبونات ومواجهة تحديات جديدة ... 

 بعض العوامل المحفزة للدونة العصبية : 

 أبزت دراسات وأبحاث حديثة ارتباطا بين عدة عوامل بيئية خارجية وداخلية والقدرة على التعافي أو تغيير العادات المألوفة (كنتيجة للدونة العصبية) من بينها : 

- السفر والتأمل

- الصيام 

- ممارسة تمارين الذاكرة – تعلم الة موسيقية – قراءة كتب تنمية الخيال – التعلم وتقوية الرصيد اللغوي- استخدام الخرائط الذهنية -التفكير الإيجابي ... 

- تعلم المهارات اليدوية 

- اللياقة البدنية والتمارين الرياضية 

- الطعام الصحي والنوم الكافي

- البيئة الغنية بتحديات وعقبات متنوعة تعطل الفرصة لاكتساب معارف ومهارات أو كفايات جديدة من خلال التعلم والممارسة المتكررة -وهذا ما يحصل مع المولود الجديد المقبل على اكتشاف العالم بكل مستقبلاته الحسية والعصبية .

خاتمة: 

 اعتبرت اللدونة العصبية ثورة في النظر إلى الدماغ، ولا تزال اثار هذه الثورة تتوالى بل ويعتقد أنها ستغير نظرة البشرية للثقافة والسعادة والحب والتعلم وغيرها ما سيؤثر أيضا في العلوم الاجتماعية والبيولوجية والفيزياء والرياضة والتدريب والنظم التربوية وغيرها... و ما يمكننا قوله في هذا المقام بعد الغوص المقتضب في هذا البحر الواسع من جلال خلق الله وبديع صنعه:

جل شأن الله أن جعل لنا في أنفسنا معجزات مبهرات وكرامات عظاما، فلا يسعنا سوى حمده على نعمه الجمة التي لا تعد ولا تحصى أن خلقنا في أحسن تقويم فتبارك الله أحسن الخالقين. 

من خلال هذا البحث في مفهوم اللدونة العصبية، أذهلني حقا إعجاز رب العالمين في دماغنا وقدراته وكذا بديع صنعه تعالى للمخ البشري المعجز... والذي رغم هذه النقلة النوعية والثورة العلمية لم يستطع الإنسان الإحاطة إلا بالقليل من قدراته...



أهم ما تعلمت خلال انجاز البحث:

الدماغ البشري معجزة الخالق: علينا تطوير المهارات الكافية حتى نستفيد من الطاقات التي وهبنا الله تعالى إياها وذلك بالتعرف على طرق تحفيز اللدونة العصبية وتطبيقها.

ولجني الثمار الإيجابية للدونة العصبية علينا تطوير مهارات الاكتشاف والاحتكاك بالوضعيات الأكثر تعقيدا وتطوير المهارات الحركية والعقلية كالابداع والتفكير والخيال... مع امكانبة التعمق في الكيمياء البشرية وفي المفاهيم المتعلقة بعلم الأعصاب كالخرائط القشرية والخلايا العصبونية والموجات الكهربائية الدماغية التي تشكل في نهاية المطاف الذاكرة والذكاء والفكر والوعي والعواطف والاستجابات الحركية والانفعالية أوضح تجلياتها.

وأوصي القراء المهتمين بقراءة كتاب: ''الدماغ وكيف يطور بنيته وأداءه'' قراءة متأنية وعمل ملخص بأهم الأفكار. وذلك مع الانفتاح على  كتب بلغات أخرى... هكذا سنطبق طريقة لتحفيز اللدونة العصبية وهي المطالعة وتعلم أمور جديدة بعون من الله.   

يومكم تفكر وشكر ووعي بجمال اللدونة العصبية ودمتم في رعاية ورضا من الرحمن...

 




  • 3

   نشر في 18 شتنبر 2017 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا