هل قمنا -نحن البشر- بترك بصمة تدل علي وجودنا إذا افترضنا أن مخلوقات جديدة سكنت الأرض بعدنا ؟!
طوال تاريخ نشأة الأرض عاشت العديد من الكائنات الحية منذ بدأ الخليقة إلي يومنا هذا, الكثير منهم ترك لنا آثارا تدل علي وجوده لكن الأكثر لم يترك أثرا بالرغم من ملايين السنوات التي عاشها مقارنة بنا نحن البشر !
يقدر عمر البشرية علي الأرض بـ 200 ألف عام, ولكي تستوعب أن هذا العمر كله يكاد لايمثل شيئا في عمر الأرض الكبير, افترض أن عمر الأرض كله ممثل في يوم مكون من 24 ساعة مثل يومنا هذا, يبدأ من الساعة 12 صباحا, فإن عمر الديناصورات لن يمثل فقط سوي ساعة من 24 ساعة من عمر الأرض, بينما عمر الإنسان بالكاد يمثل آخر ثانية قبل نهاية اليوم أي أن الإنسان ظهر في هذا التوقيت بالضبط 11:59:59 وهو لايمثل أي شيء بالطبع !
ترك أثرٍ علي هذه الأرض أمرٌ مرتبط بالعديد من الظروف متمثلة في نوع الحفرية التي يتركها الكائن الحي والبيئة وسرعة الدفن, لكي يتم حفظها أطول فترة ممكنة, لذلك فإن أفضل الحفريات حفظا هي الأصغر والأكثر صلابة وبالطبع الأطول عمرا والأكثر انتشارا.
الدجاج هو سمة هذا العصر بلا منازع, أكثر الحيوانات الفقارية ليس بين الطيور فقط بل بين كل الفقاريات التي تعيش علي الأرض, يقدر أعداد طيور الدجاج التي تعيش في وقت واحد علي الأرض الآن بأكثر من 23 مليار طائر, أعداد مليارية ضخمة في تزايد مستمر يوما بعد يوم خصوصا بعد زيادة الطلب عليها في الفترة الأخيرة كمحاولة وقائية للتقليل من أثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتج من تربية الماشية, لحمها هو الأرخض والأسهل في التربية, كل هذه العوامل دفعت البشر للاعتماد عليها كمصدر هام للبروتين الحيواني منذ أكثر من 6 آلاف عام.
الآن ومع كثرة الإقبال علي الدجاج بأنواعه, تدخل الإنسان في كل تفاصيل حياة هذا الطائر بكل الوسائل الممكنة إلي أن أصبح حجم طائر عمره لايتجاوز أسابيع قليلة خمسة أضعاف حجم طائر له نفس العمر من 60 عاما فقط, تطور كبير وملحوظ في الدراسات الجينية والهرمونات, دفع الإنسان إلي تغيير جينات تلك الطيور لتناسب احتياجاته, حتي أصبح الطائر جاهز للذبح بعد أسابيع قليلة جدا من خروجه من البيض, هذا التاثير نال من مليارات الطيور التي أصبح حجم عظامها كبير جدا مقارنة بمثيلتها قديما, عظام كبيرة لكنها مجوفة وهشة, نمو سريع وغير طبيعي بسبب شهية الطيور الكبيرة, للدرجة إلي أن الطيور تموت إذا لم تذبح بعد فترة قصيرة من الفترة المحددة للذبح بأسباب عديدة أهما قصور في القلب بسبب دورتها الدموية السريعة وشهيتها المفتوحة دوما !
علي مدار تاريخ الأرض لم تشهد بوجود أعداد من حيوان فقاري معين بهذا الكم الرهيب, لذلك وضع العلماء الدجاج كواحد من أهم العوامل التي ربما تستمر بعد زوال البشر كدلالة علي وجودهم بعد ملايين السنوات القادمة -إن قدر لهذه الأرض أن تعيشها- إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها !
-
أحمد عباسكاتب ومحرر في العلوم الطبيعية خصوصا في الأحياء والبيئة وغيرها, أسعي دائما لكتابة مقالات في مواضيع جديدة في كافة المجالات المتعلقة بالطبيعة لنشر المعرفة والوعي بكافة الظواهر الطبيعية حولنا.