هو باختصار الطفل العبقري، والشاب الطائش، والرجل الخطيب. الأمريكي من أصول أفريقية، المُلقَّب بزعيم السود وناصر قضيَّتهم. قضى "مالكولم إكس" 40 عاماً، ذاق فيها العديد من النكسات والإنكسارات، وعانى مع أسرته من العنصرية التي كانت سبباً في إخراج "مالكولم إكس" نحو الجماهير، ليكون مناضلاً لأجل الحقوق المدنيَّة، بمعتقداته وآرائه التي كانت تحملها جعبته المناهضة للعنصرية ضد السود الأمريكييين. وفي ما يلي تفاصيل أكثر عن الطريق الذي سلكه "الحاج مالك الشبَّاز" من بدايته إلى نهايته.

مالكولم ليتل Malcolm Little:

"مالكولم الصغير": هو الإسم الذي نشأ عليه الداعية الإسلامي الحاج "مالك الشبَّاز".

الولادة: ولد عام 1925 م في مدينة "أوماها" التابعة لولاية "نبراسكا" الأمريكية.

والده: قِسّيس مسيحي وناشط سياسي ضد العنصرية التي تنتهجها أمريكا آنذاك ضد أصحاب البشرة السوداء الأمريكيين.

في عام 1928 م اضطر والد مالكولم بعد تلقّيه تهديدات بالقتل، للانتقال إلى ولاية "ميتشيجن"، وبعد عدّة أشهر من انتقالهم، تم إحراق منزلهم بالزجاجات الحارقة، من قِبَل أفراد بِيض ينتمون إلى منظّمة عنصرية يرأسها أفراد من ذوي البشرة البيضاء كانوا يريدون وقتها التخلّص من كل شخص أسود أخذ على عاتقه التحرر من العبودية ومحاولة الحصول على الحقوق الأساسية.

مالكولم اليتيم:

لم يكن "مالكولم" يبلغ من العُمر سوى 6 سنوات، عندما قُتل والده على أيدي أفراد ذات المنظّمة التي أحرقت منزلهم سابقاً، ليموت والده بعد أن نفَّذوا فيه أبشع جريمة قتل على الإطلاق. وبعد انتهاء التحقيقات التي أجرتها الشرطة الأمريكية، أصدرت تقريراً مفاده أنَّ والد مالكولم مات مُنتحراً.

وفي عام 1939 م أصيبت والدة "مالكولم ليتل" بانهيار عصبي أُدخِلَت على إثره إلى مصحّة للأمراض العقلية. ثم ما لبثت أن قامت السلطات الأمريكية بتوزيع مالكولم وإخوته على الملاجئ التي ترعاها الدولة.

التحقَ "مالكولم" بالمدرسة، ولكن رغم ذكائه الحاد وفطنته وشدَّة انتباهه، إلَّا أنَّه لم يُعامل معاملة حسنة ولم يجد أحد يهتم به أو يرعاه. فتوجَّهت عقلية "مالكولم" بعد أن أسقطوه الأساتذة من سُلَّم الإهتمام والرعاية وطردوه من المدرسة نحو السرقة والجريمة وشرب الخمر والإتجار بالمخدرات، كل هذا وهو ابن 16 عاماً فقط.

مالكولم في سجن الأحداث:

ألقي القبض على "مالكولم" أثناء قيامه بسرقة إحدى البيوت، ليذهب إلى سجن الأحداث لأول مرَّة، ويُحكم عليه بالسجن لعدَّة سنوات، قام خلالها بإكمال تعليمه الثانوي داخل السجن. وفي أثناء تواجده في السجن، كان يسمع عن دِيناً اعتنقه بعض زملائه في السجن، إلى أن وصلته رسائل من إخوته يخبروه فيها بأنهم اعتنقوا دين الإسلام. فالتحق "مالكولم" بهم واعتنق الإسلام الذي يسير عليه جماعة دينية تُدعى "جماعة أمة الإسلام" التي يرأسها "آلايجا محمد".

"آلايجا محمد" وجماعة أمة الإسلام:

"آلايجا محمد" هو مؤسس جماعة أمة الإسلام، الذين اتخذوا من "محمد فراد" ( وهو شخصية وهمية ) نبيَّاً لهم. ثم ادَّعى "آلايجا محمد" بأنَّه وريث "محمد فراد"، فكان أعضاء الجماعة يعاملونه معاملة النبي. لقد كانت تلك المنظمة التي تدَّعي الإسلام بعيدة كل البُعد عن هذا الدين القيِّم ولم يكتشف الحاج "مالك الشبَّاز" ذلك إلَّا مُتأخراً.

بعد أن أسلَمَ "مالكولم إكس"، اتجه نحو مكتبة السجن، ليقضي ما يُقارب 15 ساعة يومياً في قراءة مئات الكتب، مُلتهماً بذلك الكثير والكثير من العلوم على مختلف أنواعها مما جعلت "مالكولم إكس" فيما بعد خطيباً فصيح اللسان ومُناظراً ومُناقشاً.

أُطلق سراح "مالكولم إكس" بعد 7 سنوات من سجنه ( قبل أن يقضي مدته كاملة ) وذلك بعد قلق السلطات الأمريكية منه ومن التعاليم التي كان ينشرها داخل السجن، من الإبتعاد عن السرقة وممارسة القراءة واتِّباع الفضيلة والبُعد عن الجريمة والسرقة، والتي أدَّت إلى إصلاح حال العديد من السجناء ذوي البشرة السوداء.

بعد خروجه من السجن، أصبح "مالكولم إكس" المتحدث الرسمي باسم جماعة أمة الإسلام التي يرأسها المدعو "آلايجا محمد". لقد اتَّخذ مالكولم اسمه الجديد "مالكولم إكس" فور خروجه من السجن والذي كان يرمز إلى ( مالكولم المجهول ).

اختلاف مالكولم إكس مع مارتن لوثر كينج:

لم يكن "مالكولم إكس" على وفاق مع الزعيم الأمريكي "مارتن لوثر كينج"، وذلك لانتهاج الأخير مبدأ التعايش مع الأمريكيين البيض، الأمر الذي أغضب مالكولم لاعتباره أن البيض الأمريكيين هُم أعداء السود الأمريكيين وشياطين الأرض والواجب عدم التعايش معهم.

النقلة النوعيَّة نحو تصحيح العقيدة وإعادة بناء المفاهيم:

لقد كانت الزكاة تُدفع إلى مؤسسس جماعة أمة الإسلام "آلايجا محمد". وبهدف جمع التبرعات، قرر "مالكولم إكس" عام 1964 م السفر إلى مكة، ولهدف آخر كان قد رسمه ضمن خطة سفره ألا وهو الحج.

قضى "مالكولم إكس" في مكة للحج 12 يوماً فقط، كانت كفيلة بتغيير مفهوم الإسلام عنده، فقد رأى من خلال طوافه حول الكعبة وممارسته شعائر الحج، كيف يتعايش المسلمين مع بعضهم البعض على الرغم من اختلاف أعراقهم وألوانهم وجنسياتهم، ليكتشف أن هنالك إله واحد يعبده المسلمين جميعاً، بخلاف ما تعلَّمه في أروقة جماعة أمة الإسلام.

وبعد انتهاء زيارته لمكة، توجَّه "مالكولم إكس" نحو مصر، والتقى فيها بشيخ الأزهر " حسنين مخلوف" رحمه الله.

تبرَّأ الحاج "مالك الشبَّاز" بعد عودته إلى أمريكا من جماعة أمة الإسلام وعقيدتها الفاسدة، مُعلناً بذلك إسلامه من جديد على العقيدة الصحيحة والطريق المستقيم.

جماعة أهل السُّنَّة:

أسَّس "مالك الشبَّاز" جماعة أهل السنَّة، ليرُد فيها على معتقدات جماعة أمة الإسلام الخاطئة، وبعد أن رفض "آلايجا محمد" نصيحة مالك بزيارة الكعبة المشرّفة، غضب "آلايجا محمد" منه أشد الغضب، واعتبره عدوَّاً له وحاربه بكل ما أوتي من قوة، من خلال قنوات التلفزة والصحف والمجلات إلى أن وصل به الأمر إلى محاولة إحراق منزله لقتله أثناء تواجده هو وعائلته به، ولكنه خرج سالماً مع عائلته من الحريق الذي اشتعل ببيته.

عام الإستشهاد 1965 م:

قام ثلاثة أفراد من أتباع "آلايجا محمد" بإطلاق النار على "مالك الشبَّاز" أثناء إلقائه خطاباً له أمام جماهيره، ليفارق الحياة شهيداً بعد تلقِّيه 16 رصاصة غادرة أطلقها عليه أذناب آلايجا وجماعته الفاسدة. استشهد بعد أن ضمَّ إلى الإسلام الآلاف بل مئات الآلاف من سكان أمريكا.

مصير جماعة أمة الإسلام:

في عام 1975 م توفي المجرم "آلايجا محمد" وخَلَفَه ابنه "وارث الدين محمد" الذي تلقَّى تعليمه في أزهر مصر، وقد كان على عكس أبيه مُحبَّاً لـ "مالك الشبَّاز" ومؤيداً لأفكاره وآرائه، فما لبث أن قام بتفكيك وحل الجماعة عام 1976 م ليعيد بنائها من جديد على المذهب الإسلامي الصحيح والعقيدة الصحيحة تحت إسم "الجمعية الأمريكية للمسلمين".