ربما - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ربما

المعاني الحية في لفظٍ يتيم

  نشر في 14 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 14 يوليوز 2023 .

لماذا نلازم لفظ ومعنى "ربما" رغم أنها كلمة لا تحمل اليقين؟!

وهل يملك أحدنا يقينا للآخر، هذه هي المشكلة والإجابة: لا نملك يقينا لأحد، لا أملك أن أجزم لك بمستقبل ولا حلم وحتى فكرتي ومشاعري لست على يقين بانطباقها عليك، حتى نفسي لا أملك يقينا مما فيها، ساعة أقول إنها زاهدة مؤمنة، وساعة أراها ضالة مذنبة، فألازم "ربما" حتى في الحكم على نفسي، ربما كنت كذلك الآن ولم أكن كذلك بعد حين، وربما قلت هذا وربما لم أقله، وربما قصدته وربما لم أقصده، ربما تغيرت فندمت، وربما صحوت ففهمت.


أجل لا تحمل اليقين لكنها تحمل الكثير من أحلامنا وآلامنا وأفكارنا، نحن الذين نختبئ بها خلف "ربما"، كل كتاب أقرؤه لا يمرر الكاتب صفحة إلا ويثبت لك فيها ( إحدى الربميات) ربما لآرائه، ربما لأفكاره، لما يتوقعه، ولما يعتقد به يقينا، مع ذلك يقول لك: "ربما"، رغم أنه كاتب يفترض أنه تخطى مراحل من الجرأة والمغامرة الأدبية باستخدام كل معاني الحسم، وألفاظ اليقين، إذن لماذا الشك، مرة أخرى نحن نمثل هذا الكاتب، داخل كل منا حاكم وقاضٍ غير مرئي، يجعلنا دائما في قفص الاتهام، يقول: من أنت لتقرر هذا الأمر وما هو دليلك، وهل تظن أن الطرف الآخر يفكر مثلك، هل تظن أنه يشعر بك أصلا؟ هل أنت بروفيسور لتقرر هذه الفكرة، هل أجريت الأبحاث والدراسات لثتبت هذه النتيجة، فيرد الكاتب الصغير داخل النفس: لا لست كذلك، يكفي، لن أقرر شيئا، لن أقول شيئا، سأقول لكن!، لكن دعني أقول "ربما"، أنا متيقين من هذه الفكرة صدقني، دعني أقول "ربما" فقط، وهكذا يتحول اليقين، بعد آلافٍ من محاولات إخراجه إلى "ربما".


أتدري؟ إنها أكثر أمانا وتواضعا، إنها مساحة احترازية بينك وبين من لا تملك يقينا من ردود أفعاله، لا تملك أن تحاسبه أو تعاتبه إذا انقلب عليك فجأة، ليس لديك أي ميثاق يضمن لك مكانة عنده، كل شيء ربما يحدث، وربما لا، هي توقعات أقل، وقدرة على المواجهة أكبر، آمال أقل، وصبر أكثر، أنا لا أدعم فكرة الشك هنا ولا أؤيدها، ولست سفسطائية التفكير، فكثيرا ما أجيب بنعم، وأجل، وحسنا، وصحيح، وكما تريد، وأتفق، وأدعم، وكثيرا من "ربما" أيضا، لماذا ربما؟

لأن تتمة القصة يطول شرحها ويؤلم قولها، والفضيلة تمنعنا من الإتيان بالإجابات الكثيرة الأخرى المحتملة لكل سؤال، والرغبة الدفينة تأبى أن تقول لا، ولا يسعها من اللغة إلا "ربما"، فهل لديك من لفظ يسعفني لهذه المعاني غيرها، غير "ربما" الجميلة.


  • 2

  • حنان حسن
    🍀ذاكرةُ البشرِ قصيرة والحرفُ يخلِّد الذكرى🌿
   نشر في 14 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 14 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا