ها انا أرتد إلى الماضر لأركب سفينة عقلى،لأرى هفواتى فى الحياة...
تبدأ بفترة الطفولة.. الان أرى طفلا جالساً يكتب الحروف الأبجديه من وراء معلمه ذو الشعر الأبيض
المتجعد، بنبرة صوته الخشنة التى كرهها كل أطفال الصف، وبعدها تبدأ حصة الإملاء، وما أدراك
الإملاء حيث تجد معظم الأطفال يتهافتون على الغش وكأنهم فى تبادل ثقافى عريق، أما الأطفال
العباقرة كما كنا نسميهم، يجلسون وحدهم فى المقصورة الأمامية وكأنهم من نسل (أينشتاين).
لم يفلح فى حصة الإملاء إلا طالبين أو ثلاثة على الأكثر،
اما الباقى فينتظرون دورهم فى نصيبهم من العقاب، من عصا أبو المكارم.
كنا نتعامل من قبله على أننا عبيد نساق إلى أسواق النخاسة، وينتهى هذا اليوم المشئوم ومن يليه نفس الايام..
حتى يأتى يوم الجمعة، بالتأكيد كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لنذهب انا وأخوتى إلى حديقة الاأزهر
،لنرى من فوقها المساجد ذات القباب العالية ومن خلفها قلعة صلاح الدين يتوجها مسجد محمد على.
كانت لحظات بالنسبة لى رحلة مليئة بالفجوات والمنزلقات، حيث تصورت فى وقتها أن كل الأشياء
ينبغى أن تكون جميلة لا يشوبها شائب، مثلها مثل أفلام الكرتون مليئة بألوان الطيف السبعة، لكنها
كانت رمادية مثل التراب الذى يغمر أحيائنا الشعبية ...نعم! ساهمت هذه البيئة المادية والفكرية
البائسة، فى قتل أجمل ما فينا وهو العقل.
أذكر عندما كنت فى هذه المرحلة المريرة كانت أبسط ألعابنا، هى الإمساك بعصا المكنسة ووضعها بين
أرجلنا ونجرى بها ونتخيل بأننا نطير بها. بالتأكيد أنه تعبير عن حبنا للحرية وعشقنا لها منذ الصغر،
لكنها مع الوقت تزول لتذهب بنا إلى سجن لا مفر منه إلا بمعجزة سمائية.
عندما يبدأ الوالدين يزجران ابنهما عن فعل شئ هو فى نظرهم خطأ دون إبداء أسباب مقنعة لهذا
الطفل العنيد، مع تكرار هذه الأفعال من الوالدين،
يبدأ رالطفل للتحول من فيلسوفٍ صغير متسائل إلى كائن بهيمي لا يهمه سوى الطعام والشراب،
وتستمر حياته على هذا النهج ألا إنسانى. هذا ملخص لمعظم ما عشناه فى طفولتنا.
-
mohamed kamalانا انسان وهبت نفسى كى انشر الفكر بين عقول البرية لنرتقى بجمتمعنا كما يستحق ان يكون.