قالوا لها لن تكتمل أنوثتك إلا بالزواج؛ فتزوجت.
مرت بها السنون دون أن تُنجب؛ فعاودوا الكَرة وقالوا: أنتِ لستِ بأنثى فالأمومة هي إكسير الأنوثة.
جاهدت السبل هنا وهناك من طبيبٍ إلى آخر حتى حالفها حظ عمليات التلقيح لتنجب حوريةً ملأت دنيتها ببراءتها.
هنا تغيرتْ نغمة حديثهم؛ فقالوا: لن تكوني أنثى بلا ذكرٍ يكون لكِ سنداً في كِبركِ... فعاودت البحث عن عمليات التلقيح لترزق هذه المرة بطفلين لا واحدٍ كما طالبوها.
لوهلةٍ شعرتْ أن أنوثتها اكتملتْ... زوجةٌ، أمٌ لأطفال، ظنت أن سعادتها أتتْ بعد كل تلك السنوات.
الآن شارفت الأربعين من العمر، بدأت تسير في درب الزينة والاهتمام بكيانها بعد أن أنهتْ واجبها في تحقيق الأنوثة كما أوهموها.
لكن حديثهم هذه المرة فاجأها؛
أتظنين أنكِ صغيرةٌ تقلدين فتيات العشرينات،
نظرت إلى نفسها في مرآتها، بدأ القبح يرسم خطواته في عينيها بعد أن سلمتْ نفسها لأقاويلهم! باتت عجوزاً في جسد امرأة راشدة،
فضعف الكيان أسقط روحها في بئر الاستسلام لأفكارٍ باليةٍ لم تعد تهم الكثيرات ممن كسرنَّ قيود الرجعية التي جعلت من حواء كائن لا مكان له في قاموس البشرية التي استحدثها فكرُ آدم الذكوري وسلمتْ له حواء في مسلسلات الاعتمادية.
ماتت فرحتها. كادتْ تختنقُ من ثُقل التفكير... لولا أتتها صورة ابنتها في حلمها ترجوها ألا تبكي من كلماتهم، فقالت لها كفاكِ رضوخاً لأفكار المجتمع البالية، أنت ملكَ نفسك لا أحد يُمكنه إجبارك على بيع أنوثتك بموازينهم هم.
ذرفتْ عيناها دمعة في وقتٍ لم يعد للندم فيه نفعٌ، فماذا يفعل الندم في قلبٍ شاخَ قبل الجسد وعقل اندثرت حريته قبل الأمكنة؟!
التعليقات
وعلينا ان نحاول الا يتملكنا هذا الداء العضال (هرم القلب أو شيخ القلب ) ويسيطر على أرواحنا حتى لا يتغلغل إلى قلوبنا..
فللأسف هناك كثير من الشباب و الفتيات وان كانوا في مقتبل العمر إلا انهم يعانون من نفس ذات المشكلة ( .. ادعوا لهم جميعا بشباب القلب و الروح ) .
مقالك ريم .... غاية في الروعة في توصيف حالة في كثير من المجتمعات... دام قلمك المتألق.. ريم