عندما تفشل في علاقة حب أو نفقد شخصا عزيزا علينا، قد لا نجد مصطلحا مناسبا للتعبير عن ألمنا، سوى قول “إننا نشعر بغصة وكأن صخرة وُضعت على صدرنا”، أو “إننا نشعر بالاختناق وضيق النفس”.

بالعادة نعتقد أن هذه الكلمات مجرد تعبير عاطفي عن مدى الأذى الذي يتسبب به الفراق، ولكنها في الحقيقة ما هي إلا أعراض مرضية يعاني منها من يفارقون أحبابهم أو يتعرضون إلى إسائة شديدة من أحدهم، فقد اكتشف العلماء أن الحزن على فراق الحبيب، يتسبب في آلام عضوية تشبه أعراض الجلطات وقد تؤدي للوفاة، وهذا ما يفسر مرض البعض إثر الانفصال العاطفي، وضعف مناعة الجسد بحيث يسهل إصابة الشخص بالمرض بكل سهولة.

بدأ الأطباء استخدم مصطلح “متلازمة القلب المكسور” أو “Broken Heart Syndrome”، في مطلع تسعينات القرن الماضي، وذلك لوصف آلام الصدر التي تتسبب بها إنسداد الأوعية الدموية، بسبب الحالة النفسية الناتجة عن الانفصال عن الحبيب أو الفشل بالحب وفقدان شخص عزيز، وكان اليابانيون أول من رصد هذه الظاهرة لدى المسنات اللواتي فقدن أزواجهن، بعد زلزال وقع في اليابان، وأطلقوا عليها اسم “تاكوتسوبو”.

أعراض متلازمة القلب المكسور

يشبه العلماء أعراض متلازمة القلب المكسور بأعراض الجلطات، وتظهر هذه الأعراض بشكل واضح في المواقف التي توقظ آلام الشخص وذاكرته وتزيد من احتياجه للتواصل العاطفي، في المناسبات التي تكثر فيها مظاهر الحب، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بآلام عضوية، مثل وجع في القلب والصدر، وقلة النوم وألم البطن والقلق المستمر، وعدم القدرة على التركيز، علاوة على ضعف جهاز المناعة وضيق النفس.

البعض يستطيع تجاوز هذه الأعراض دون الحاجة للطبيب، فيما تصل أعراض هذه الأزمة لمستويات مرتفعة عند البعض الآخر، وقد أظهرت دراسات أجريت في الولايات المتحدة أن الألم النفسي ينشط نفس المناطق في المخ المسؤولة عن الألم النفسي، وأحيانا تتجاوز تداعيات الصدمات العاطفية، مجرد الألم الجسدي لتصل إلى محاولات الإنتحار أو حالات الإكتئاب الحادة وعدم القدرة على التركيز.

ويرجع الأطباء أسباب الآلام التي تصاحب الصدمات العاطفية، إلى زيادة إفراز هورمون الضغط العصبي، الذي يتسبب في ضيق الأوردة الدموية للقلب، وبالتالي لا تتم عملية ضخ الدم بالشكل المطلوب، لتظهر آلام في تلك المنطقة من الجسم والتي تشبه أعراض الجلطات.

ويمكن علاج هذه الأعراض طبيا عن طريق الأدوية المعالجة للضغط العصبي، إلا أن هذا لا يمنع أن أربعة إلى خمسة من الحالات قد تنتهي بالوفاة، لاسيما لدى كبار السن. ومن المواقف الطريفة في هذا الموضوع، أن ألمانيا حاولت التقليل من هذا المرض، فقامت بتخصيص رقم هاتفي لمن أطلقت عليهم “ضحايا يوم عيد الحب”، لتقديم الدعم لأصحاب القلب المكسور، الذين تزيد معاناتهم في يوم الحب، خاصة مع رؤية من حولهم يحتفلون فيه.

التلف المؤقت في القلب الذي تتسبب به متلازمة القلب المكسور، لا يؤدي إلى سد شرايين القلب، على الرغم من حدوث انخفاض في تدفق الدم بالشرايين، وهذا هو الفرق بينها وبين النوبة القلبية التي تحدث نتيجة انسداد كامل أو شبه كامل لشرايان القلب. وعادة ما يصف الأطباء مثبطات الانزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات البيتا ومدرات البول، للتخفيف من عبء العمل على القلب.

النساء أكثر إصابة

يقول العلماء إن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القلب المكسور، وليس بالضرورة أن يكون الحدث سيئا، حيث تكفي مفاجئة مثيرة للإصابة بها، وحدوث “إنفجار هرموني” في جسد المرأة، ولا يستطيع القلب تحمل هذه الهرمونات المتدفقة بكثرة دفعة واحدة، فيتوقف جزء منه عن أداء وظيفته.

ولا تتجاوز معدل وفيات النساء بسبب متلازمة القلب المكسور عن 3%، وبالعادة تتعافى معظم النساء بعد أسابيع من إصابتهن، إلا أنهن يبقين معرضات للإصابة بهذا الأمر عند كل فشل أو صدمة عاطفية في حياتهن.

عزيزي القارئ عسي أن تشعر بي عندما تقرأ هذا المكتوب

ما دفعني للبحث وراء هذا الصدد ما عشته حقا

فلا تستهينوا بمن وجعت قلوبهم

اكتب بقلبي/غادة النجار