أنا أكره المطارات!
يفوح عبق الوداع منها و رائحة الدموع التي لم تجف بعد!
بعض الوداعات لا لقاء بعدها و الأخر ربما مؤقت!! ربما فقط طويل!!
آخر ما أذكر هو حضن أبي و عيناه التي لن تقع على عيني لمدة قد تكون سنة أو تطول
أفتقد الحديث معه و عناقه
أفتقد جلوسنا معا صامتين أو مسايرته لي في كل نوبات جنوني
قد يرافقني مساءا لاحتساء قهوة عند بائعة قهوة متجولة باحدى ميادين الحي
أو قد يذهب معي ليلا للبحث عن محل بيع حلويات ساخنة
قد ننتظر ساعة أو اثنين في محل بيع الطعام السريع
أو نتجول بحثا عن "بيرغر" شهي
ابي رجل رغم سنواته التي تعدت الخمسين يعرف كيف يشاركني في صور "السيلفي" و لديه حس فكاهة عالي يجعل منه اي شئ الا انه ليس شخص ممل!
لذلك أكره المطارات التي تقود إلى أماكن حيث لا يوجد أبي!
أنا أعشق اهتزاز الطائرة و تسارع الدم بداخلي و هي تشق طريقها وسط الغيوم!
أحب شعور الخطر ربما تسقط وتتحطم! أو تنتهي في بحر ما بحيث لا يتبقى من جميع الركاب الا رقم المقعد الذي جلسوا به قبل أن يودعوا جميع من أحبوا!
تبدو نظرة سوداوية لكني فقط أحب أن أشعر بالخوف المبرر الذي يطغى على خوفي غير المبرر من الوداع و اهتزاز الطائرة ينسيني أني لم أستطع أن أنظر إلى عيني أمي و أنا أودعها حتى لا أشرع في البكاء!
لأني لو بدأت بالبكاء لن أتوقف حيث أن كل ما بالمطارات يشجع على الاستمرار في النحيب!
أنا أكره أن يجلس بجواري أطفال الآخرين! حتى لا ينتهي بي الأمر أتوتر بشأنهم أكثر من والدتهم التي تغط في النوم على بعد مقعدين! أنا لا أكره الأطفال و لكني أقلق بشأنها أكثر مما ينبغي! و أكره المطارات المليئة بحشود الغرباء و صفوف الجوازات التي لا تنتهي، و القلق الذي يراودني دائما من أني ربما قد أنسى شيئا مهما ربما مفتاح أو مستند ما!
ملئية هي المطارات بالأطفال، يبدون سعيدين أكثر من الراشدين، محظوظون فهم لم يفهموا بعد معني الغياب و غير مجبرين على أن يمارسوا طقوس الوداع!
تحتوي المطارات على القليل جداً من الرومانسية ليس كما يبدو في الأفلام! الجميع متعب من الرحلات الطويلة و البعض مصاب بالغثيان من الطيران لساعات طويلة وحدهن مضيفات الطيران يبدون في كامل الأناقة!
-
فائقة العوضمدونة سودانية فى عشرينيات العمر، تكتب عن الحياة!