أيها السوري ... الى الأمان در !!! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أيها السوري ... الى الأمان در !!!

خالد المسالمة

  نشر في 16 شتنبر 2015 .

أيها السوري ... إلى الأمان در !!!

أصبح الحديث عن معاناة الشعب السوري اليومية والتأشيرعليها في سبيل استثارة العواطف والضمائر أمرا غير ذي جدوى ، خصوصا بالنسبة لأناس عايشوا هذه المعاناة وتفاعلوا معها وأضحت جزءا أصيلا من يومياتهم ، فلا الصراخ نافع ، ولا التحذير ، ولا التهديد والوعيد.

ليس أفظع من تجليات المأساة التي تضرب الشعب السوري إلا الموقف العالمي البليد ، الذي يراقب نارا مشتعلة أكلت بلدا بأكمله ، وهاهي تنتقل إلى الجوارين القريب والبعيد ، إن لم يصح الوصف أنها ستحرق قريبا قلب هذا العالم المتباكي على الحريق والباحث عن مُشعلها.

أي قناعة تلك التي تبلورت في وعي السوريين ووجدانهم اليوم ، وأي أفكار تراودهم وهم يعيشون فصول ماساتهم التي لقبها العالم بـ (مأساة العصر) . كيف يا تراهم يفكرون، بماذا يشعرون ، أي أفق مسدود ذلك الذي يعاينونه ، وأي خيارات يملكونها . يراقب السوريون ما يجري على أرضهم وما يُفعل بوطنهم بدون مؤثرات ، قليل من الإنسانية وكثير من التوحش.

في كل يوم من فصول المعاناة السورية يتم التركيز على جانب من جوانبها ، ينبري الجميع للتهليل والتهويل والعويل ، تترنح مشاعر السوري وبوصلته العاطفية التي بالكاد ما زالت تعمل بين حزن شديد وعتب أشد ، وفرح غامر وسعادة منقوصة ، و فسحة أمل صغيرة بمستقبل أفضل.

وعلى الرغم أن لهذه المعاناة وجوه عدة ، إلا أن أهمها تداولا اليوم هو ما قد يسمى مجازا (النزوح الكبير) للشعب السوري المتدفق إلى أوروبا ، حيث تطالعنا وسائل الإعلام على اختلافها يوميا بأخبار عن عبور آلاف السوريين للحدود الأوروبية في ظاهرة لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.

يتداول الناس أخبارا كثيرة عن اللجوء وبلدانه وطرقه وتكاليفه ، وتتسارع الأحداث مع قرب انتهاء موسم الهجرة البحرية الآمنة نوعا ما صيفا ، إعلانات تملأ وسائل التواصل الاجتماعي تعد السوريين الذين مازالوا مترددين بأفضل الطرق واقل التكاليف وأيسر الإجراءات التي تمهد لهم الطريق إلى الحلم الأوربي حيث الأمن والأمان والاطمئنان والحياة السعيدة والمستقبل الواعد.

كما يتداول آخرون مآس وكوارث ومخاطر وموت محتم أصاب البعض وتجارة أعضاء وأخبار خطف وابتزاز واختفاء وامتهان كرامات وإذلال يشمل كل طريق سلكوه باتجاه دول الاتحاد الأوروبي وداخله.

تشعر كسوري بانفصام حاد تجاه ما يحدث ، تقلق على الأرض لمن سوف تتركها ، و على الوطن كيف تهجره ، وعن الأهل والأصدقاء والأحباب ، وتعود لتقلق من جانب آخر على الحاضر المأساوي الذي تعيشه داخل سوريا وفي دول الجوار القريب حيث لا امن ولا أمان ولا لقمة تسد بها رمق الجياع ولا بيت يأوي ولا إخوة يؤازرون ولا كرامة ولا مسقبل فكل شيء مجهول والى مجهول .

أما الحزن فيخيم على الجميع ، ففقدان الوطن ليس بشعار عابر و لا خرافات فارغة ، فضلا عن فقدان الأهل والجيران وكل تفاصيل الحياة التي بنوها يوما بيوم وساعة بساعة ، وبقطرات عرق و دماء ، كل هذا حزين ومؤلم ولا يتصور أحد عايشه أن يشفى منه أو يتناساه ، فقد عشعش الحزن في نفوس السوريين وقلوبهم.

وأما العتب ففي أعينهم جميعا نظرات العتب واللوم على أقرب الأقرباء حيث كان العشم غير ما حصل ، والتوقعات بالمساعدة والمساندة و الاحتضان ، والمساهمة بتخفيف المعاناة ، بل البحث عن حل لإنهائها ذلك ما كان يشغل تفكير السوريين و يؤرقهم ، فلم يجدوا غايتهم مصدومين من هؤلاء الأقرباء فكان لا بد من العتب ، وفي أحيان أكثر منه قليلا.

وما الفرح إلا وهما فرضته قسوة المأساة واستمرارها وانعدام إمكانية تخفيف آثارها فضلا عن وضع حد لها ، فالنجاة بالأرواح من حرب طاحنة أكلت خير البلاد وشرها ، والهروب منها ولو إلى المجهول فرحة ربما لا تدانيها فرحة في حياة طبيعية رتيبة.

ولسعادتهم بابتعادهم عن المحرقة قصة أخرى فلا هي غامرة ظاهرة ولا هي مكظومة مخفية، فضحكاتهم المتعبة خصوصا عند وصولهم ضفة شواطئ أوروبا تعبير عن فرح مصطنع ، حيث تتشابه مستويات حياتهم التي يعيشونها اليوم والتي يحلمون بتحسنها بمستوى درجات الحرارة على مقياسها ، فالحرارة عند الدرجة 5 تحت الصفر ادفأ بكثير منها عند 50 تحت الصفر فكيف إذا كان الطموح والوعد ب 50 فوق الصفر ، ألا يستحق ذلك بعض الفرح؟!! .

لقد فعلت المأساة السورية فعلها ، فلا خيارات ولا حلول في الأفق ، وليس للصامد خيار ولا للهارب ولا للبعيد كما القريب ، وكأن على رؤوسهم الطير ، ولكن لا بد من فرج قريب لهذه الكارثة ، كل الأمل يلقى على عاتق رجال سوريين حكماء رشيدين يضعون مصلحة الوطن والشعب فوق أية مصالح أخرى ، فالكل يسالون : ألا يكفينا ما حصل إلى الآن ؟.

هل سيجتمع حكماء سورية بعيدا عن تدخل المتدخلين وآراء الشامتين المعادين ، ليضعوا رؤية واضحة للخروج مما نحن فيه من حرب وضياع وتشرد ونزيف ، نعلم جميعا أن هذه أحلام قد تتحقق يوما ما عسى أن يكون قريبا.

تجوب القضية السورية الأرض شرقا وغربا ، تطرق الأبواب بحثا عن حل ، يلعب اللاعبون فيها ومعظمهم أغراب عنها ولهم مصلحة باستمرارها جرحا نازفا يستهلك أهلها وخيراتهم ، أما أصحاب الشأن من أبناء البلد وأصدقاؤهم الحقيقيون فهم أمام استحقاق تاريخي لوقف هذه المقتلة والخروج بحل ينهيها إلى الأبد ، وإلا فلن تجدوا سورية ولا سوريين فيها ، فقد بلغت الحرب مداها .


  • 3

   نشر في 16 شتنبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا