الترس الشغوف - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الترس الشغوف

الشركات المتعددة الجنسيات وخطرها الاِجتماعي

  نشر في 07 مارس 2016 .

لكل إنسان منا رؤيتة وتختلف الرؤية بإختلاف المنظور ويختلف المنظور باختلاف العقيدة وتختلف العقيدة باختلاف الرؤية ، فمنا من يرى قمة الجبل في قصة حب عاطفية مثلا ومنا من يراه في الدفئ الاسرى والمجتمعي ومنا من يراة في الالتزام الديني ومنا من يراه في النجاح المهنى وتقدمة خطوة نحو الأخرى مسخرا كل قواة ومضحيا بكل ما يملك ، وكل محتاج لما ينقصة.

كما عهدنا في المجتمع المصرى أن لا يمر وقت إلا وأن يكون له صيحه او موضه أقصد بين الفئات الشبابية ، فبعد ان تفاجئنا بصيحة الروايات والعمق وفنجان القهوة تحت ضوء القمر أمام نافذة الغرفة نمر الآن بصيحة سوق العمل والشغف نحو تطوير القدرات للإلتحاق بالشركات الرائدة متعددة الجنسيات والإنغماس في السوق العالمي , فعليك أيها المتعشم خيرا فى هذا العالم ان تدرك عدة مفاهيم أساسية.

(فضيلة العمل لتحقيق الذات ، الطموح ، النجاح ، تعمير الأرض ، الارتفاع بمستوى المعيشة ، إشباع الحاجات ، الإبتعاد عن هاوية الفقر والحرمان) تلك الكلمات التي وان كانت قوية في ذاتها لكنها مطاطه جدا في إستخدامها ، العمل كمفهوم عام فضيلة وعبادة وكعنصر من عناصر الحياة فهو واجب ، فالطبيعي أن العمل ليس هو قيمة الحياة والحياة بدون عمل ليس لها قيمة , والأصل أننا خلقنا لنعبد الله مع العمل فكما أمرنا الله (وما خلقت الجن والاِنس إلا ليعبدون) كذلك أمرنا وقال (وقل إعملوا) وتستطيع أن تجد أكثر من توكيد إلهي يزيد عن الخمسة والثمانين بعد الثلاثمائة في القرآن الكريم والكثير من الأوامر النبوية حيث من ضمنها حيث قال رسول الله صلي الله علية وسلم (والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلة فيحطب علي ظهرة خير له من أن يأتي رجلآ أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه) والطبيعي ان يكون ميزان الحياة ميزانا معتدلا يجمع ما بين الجوانب الأربعه الأساسية من حياة روحانية إيمانيه وحياة اجتماعية وحياة شخصية وحياة مهنية مادية وينبغي أن يحافظ الإنسان علي التوازن بين الكفف لكي لا نكون فريسة لتجار الأهواء والأشخاص ، هذا نظاما كونيا متوازنا وعليك أن لا تضحي بواحد لآخر مهما كانت المغريات وإلا فعليك تحمل عقبات الخلل لاحقاّ.


فأما الجانب الروحاني فسيضمن لك وعاءّ روحيا وسلاما نفسيا تستمد منه طاقتك , وأما الجانب الاِجتماعي فسيضمن لك بقاء النسيج الاجتماعي الواحد والعلاقات فيما بين الأفراد , وأما الجانب الشخصى فسيضمن لك تنمية وتطوير الذات خطوة نحو أخرى , وأما الجانب المادي فسيضمن لك الاِبتكار المهني والاِكتفاء المالي.

هل نعيش لنعمل أم نعمل لنعيش؟

في مجتمعات مثل اليابان والمانيا وغيرهم من الدول التي تقاس عندهم قيمة الحياة بقياس مدى دوران عجلة الإنتاج ومدى الإزدهار الإقتصادي والعملي والتي يطلق عليهم مصطلح (working society) تتمحور القيمة العظمي للفرد في إنتاج أكبر عدد من الوحدات أو السلع بأقصي جودة ممكنه ، ففي محادثة مع "تروكي ياماشيتا" العامل الياباني يقول "أنا لم أستطع رؤية أطفالي وهم يكبرون لأني كنت منشغلًا جدًّا، أتمنى لو يعود بي الزمن كي أعيش مع عائلتي بدل الانشغال الكامل بالعمل”. وهكذا نشأت أزمة الكاروشي اليابانية والتي تعني بكل بساطة ازدياد تعداد الموتي بالموت المفاجئ نتيجة للإفراط في العمل ، كما لا يمكن أن أنسي "جاك لي" رائد الأعمال وصاحب مؤسسة علي بابا حينما سئل عن الأخطاء التي ارتكبها في حق نفسه ، منها حين قال أنه يندم علي قضاء القليل من الوقت مع العائلة وقال أنه لو يملك فرصة أخرى لحياة جديده إنه لم يكن ليفعل ما فعلة مسبقا حيث أخبرته زوجته أنه لا ينتمي لها بل ينتمي لعلي بابا "شركتة الخاصة" وماذا بعد ذلك النجاح؟ ها؟ هل النجاح المهني وحده يجلب السعادة؟ تستطيعوا أن تجدوا الإجابة في عينيه.

إذا لا ينبغي أن ننسي حق أنفسنا كبشر من اجتماعيات وحق النفس وحق المجتمع كأشخاص مترابطين في نسيج واحد وحق الله! لا ينبغي أن ننسي حق الله ! وكن على يقين صديقي أن المتفوقين فى عملهم ممن لا يلتزمون بالنظام الكوني ومخلين به هم أكثر عرضه للاِكتئاب من غيرهم لأن شخصيتهم واحترامهم لذاتهم يرتكز دائما حول الاِنجازات المادية وذلك منتهى الخطورة , فينقصهم شعور داخلى بالحياة تلك الحياة التى لم يتحسسوها تلك الحياة التى لا تري بالعين ولا تلمس باليد ! تلك الحياة التى ربما بنظرة لطفلك وأنت تراه يكبر أمامك قد تجعلك سعيدا! تلك الحياة التى لربما بسجدة فى سكون ليل تغيرك من شقي اِلي سعيد! ولكن بلا تفريط ولا اِفراط فالعمل حق واجب كما غيره ولكن وليست تلك الحياة التي تسعد بترقية وتتعس بفصل من العمل , لا تقليلا منها بل توازنا على نظاما يتضمنها أيضاّ.

ولكن ماذا بعد في الألفيه الجديدة والنظام الرأسمالي وفي نظام تحكم رؤوس الأموال في السياسات العامة وفي نظام التدرج الهرمي لتوزيع الدخل ؟ لا! الأمرهنا يختلف كليآ.

أولا ماذا تعني الرأسمالية ؟

بكل بساطة هو نظام اِقتصادي يقوم على نظام الملكية الخاصة للافراد والحرية المالية لأقصى الحدود وتكمن فى خلق تراكم رأسمالى كبير عبر تدرجات مالية من معاملات ومشاريع وغيرها , وهدفها الأول والأخير هو الربح بشتى الطرق المتاحة وبعدم تدخل حكومى الا فى دور رقابى محدد جدا ! وبهذا النظام يستطيع أن يتحكم المالك أو صاحب الثروة فى العامل كلياّ مما أدى بدورة اِلى وجود فوضى فى الاِعتقاد وفى السلوك مما تولدت عنه صراعات عالمية أدت بدورها الى خواء وكساد روحي محض وذلك يرجع اِلي أن الحرية الواسعة المفهوم تؤدى اِلي التشجيع علي الجشع لدى الفرد لزيادة ثروته ولتوسيع الفجوه بينه وبين أقرب منافسية حتي يستطيع ان يكون المتحكم الكلي فى الأمور , وبتعاقب العقود اِستطاع أصحاب رؤوس الأموال من التحكم فى السياسات العامة للدول وليس فقط في سياسات المنظمات التجارية مما يؤدى اِلي تحكم أصحاب رؤوس الأموال فى العالم وما فية وبتسخير الموارد لهم ليس اِلا وقد تكون الموارد موارد بشرية أو موارد المواد الخام وغيرها.

يقول الفيلسوف السياسى الأمريكي نعوم تشوميسكي “يحكم الرجال الأغنياء في المجتمعات الغنية ويتنافسون فيما بينهم للفوز بحصة أكبر من الثروة والسلطة، ويزيحون بلا رحمة أولئك الذين يقفون في طريقهم، ويساعدهم في ذلك الرجال الأغنياء في الدول الجائعة، أما الباقون فيخدمون، ويعانون”

اِذا كيف يعمل العالم؟

دعني أطرح عليك سؤالا وحاول أن تجاوب أولا , هل الاِقتصاد يتبع السياسة أم السياسة تتبع الاِقتصاد ؟

حسنا اِن كان جوابك أن الاِقتصاد يتبع السياسة فاِجابتك خاطئة , فالاِقتصاد فى العالم الرأسمالى يتحكم كليا فى كل كل شئ بما فيهم السياسة , بالاِقتصاد القوى تستطيع الدول ان تكون غنية وبالاِقتصاد الضعيف تُجبر الدوله ان تكون تابعة للدول الأقوى , بل اِن الدول القوية لا تستطيع أن تكون قوية الا بالاستثمارات القوية , والاستثمارات القوية لن تكون اِلا برضاء المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال , ولن تستطيع أن ترضى رجال الأعمال أو أصحاب رؤوس الأعمال الا بارتضاء سياساتهم الجشعة , أمريكا بقوتها وعظم امبراطوريتها لن تستطيع أن تقف أمام حيتان المستثمرين ورجال الأعمال لأنهم يتملكوها فعليا ! بل اِن ساسة أميركا هم فى الواقع أسرى لوول سترييت ومستثمريها كما يقول "سايمون جونسون" كبير خبراء صندوق النقد الدولى , بل عليك أن تعلم عزيزي القارئ أن اِجمالى الدين عالم الأمريكي قد تخطي الناتج الاِجمالي ! حتي الشعب الأمريكي لم يسلم من تلك العبودية الاِقتصادية لصالح مجموعة صغيره جدا تتحكم في العالم بأكملة بالطرق الملتوية كالتسويق الحديث واغواءهم بالنزعة الاستهلاكية , عليك أن تعرف أيها القارئ أن الثروة التي يحققها الأغنياء فى حقيقة الأمر لا يحققها لهم سوى الفقراء من جهدهم وعرقهم وانتاجهم وان الخلل ليس فى الاِقتصاد كعلم ولكن فى الأنظمة الاِقتصادية كطرق لتوزيع الدخل.

هؤلاء النخبه لا يسيطرون على المنظمات التجارية فحسب ! بل يسيطرون على التجارة والصناعة والسياسة والسلطه والاِعلام كما تقول كارين هودس التى عملت عشرين عاما فى التعاملات القانونية فى البنك الدولي.

انت تعمل في منظومة تعمل علي انحراف ذلك النظام والمعيار الكوني الذي خلق ليعيش عليه الانسان منظومة ترغمك علي قتل نفسك برضا تام واستسلام متناهي تقبض روحك وتضعف قوتك وتشيب شبابك منظومة ترغمك علي التنافس المسعور الغير اخلاقي ، تدرس وتعمل وتكدح بل وتكرس حياتك لحياة مهنيه مستقره مهما فعلت لتأمينها تبقي علي حافة متهاوية تعمل ثماني بل عشر بل احيانا اثني عشرة ساعه بل أحيانا تجد من يعمل لنوبتين لتقبض عشر ما تنتجه لتغطي احتياجاتك وتزيد من ثروة صاحب العمل , منظومة تجعلك مجرد ترس في ماكينة غير قابل الخروج منها والا واجهت حالة التهميش المجتمعي والفقر الاقتصادي أنت تطور من امكانياتك وتقوى من مهاراتك ليستخدمك غيرك بكل وقاحه لاتساع تراكمة الرأسمالي , هي منظومة غاشمة يزيد فيها الغني غني والفقير فقرا.

وحسب الدراسة السويسرية المذكورة من قبل فريق من باحثي المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ أكدت أن 147 من تجمعات الشركات الاستثمارية الضخمة تسيطر على 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي... ومعظم هذه التجمعات هي مؤسسات مالية. وتشتمل أكبر 20 شركة من بينها على مصارف باركليز وجي بي مورغان شاس وشركاه ومجموعة مورغان ساتش ,, بهذا تتوسع الفجوه بين الطبقه البرجوازيه "الطبقة المتحكمه فى رأس المال" والطبقه البروليتارية "الطبقة التى لا تملك الا قوة الجسد لتتقوت به" والتى يمكن أن نطلق عليهم مصطلح الحرافيش اِن جاز القول كما كان يطلق عليهم فى الستينيات من القرن الماضى , بالتالى تعمل الرأسمالية بكل بساطه على استغلال الطبقه البرجوازية للطبقة البروليتارية بل وتعمل على اتساع الفجوة ليصبح الاستغلال اِستغلالا ايدولوجي فكرى وليس مجرد علاقة عمل بسيطه ليتمكنوا من السيطرة الفكرية والعملية عليهم باستراتيجيات مختلفة لتجنب اِشعال ثورات الغضب لاحقا كمحاولة توسع نفوذ جنرالات الجيش بالسياسه والاِقتصاد وسيطرتهم سيطرة كليه فاِما أن ترضى بعبوديتهم وبالمستوى المالى المتدني تحت مسمى حماة الوطن او أن تكون عميل موسادى من الأجندات الخفية التى تسعى لتخريب هذا الوطن ,,,

فالشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات التى يملكها هؤلاء المستثمرين العمالقة هى بالاصل استعباد للمورد البشرى وتبيع الأمل من الهواء , أما ما يسمى بالأمان الوظيفي فيها فهو هُراء ليس اِلا! تلك المؤسسات التى تعلمك كيف تكون مخلصا ومواليا لمنظمتك ويتعلمون هم كيف يتخلصون منك فى الوقت المناسب , ستعمل وستكافح وستطرد يوما ما بتعيين ترس اّخر مبتدئ براتب منخفض وبنشاط أكبر وبعدم معرفة بقوانين اللعبة , وخوفآ من الوقوع في هاوية الفقر وآملا للالتحاق بركب الناجين تصدقهم مجبرا على ذلك , أنت تسخر حياتك وجهدك ووقتك وحبك وكرهك وفكرك وانتماءك وولاءك لمنظمة او لشركة مديريها هم ألد أعداءك دون أن تدرى.


لمن نعمل؟!

جيل كامل يضخ الوقود ، يخدم طاولات المطاعم ، إستعبدتنا الياقات البيضاء ، نعمل في وظائف نكرهها لنشترى تفاهات لا نحتاجها ، حربنا العظمي هى حرب روحانية ، كسادنا الكبير هو حياتنا ، تربينا أمام التلفاز لنؤمن أننا ذات يوم سنصبح مليونيرات ونجوم سينما ولاعبين ومطربين كبار لكننا لن نصبح وندرك تلك الحقيقة ببطئ , في هذه الماكينة إما أن تكون علي عجلة القيادة وإما أن تكون ترس يعمل لخدمة الماكينة التي تعمل لخدمة القيادة ، نحن نحتاج لأن ندرك أن أعدائنا الحقيقيون ليسوا في بلاد بعيدة , هم ليسوا أناساّ لا نعرف أسمائهم ولا نفهم ثقافتهم , الأعداء هم أناس نعرفهم جيداّ ونستطيع تحديدهم , العدو هو النظام الذي يخوض الحروب عندما تكون الحرب مربحة لهم , العدو هم الوزراء والسياسيين الذين يحرمونا من حقنا فى التعليم والصحة عندما يكون ذلك مربحا لهم , العدو الحقيقى هم السياسيون والاِعلاميون الذين يكذبون علينا ويجبرونا على العيش تحت الجهل والأمية وأوهام المؤامرة والتخوين عندما يكون ذلك مربحا لهم وهم من يجبرونا على العيش تحت مظلة الوطنية تارة أخرى عندما يكون ذلك مربحا لهم , العدو هم مدراء الشركات الذين فصلونا من أعمالنا عندما يكون ذلك مربحا لهم وهم من يوظفونا عندما يكون ذلك مربحا لهم , هم البنوك التى تسلب منا بيوتنا عندما يكون ذلك مربحا لهم , هم من يفرضون علينا الضرائب لتسرقها الحكومات عندما يكون ذلك مربحا لهم , هم من يجعلون الغنى أغنى والفقير أفقر ., سخرونا لخدمتهم ، سخرونا لعبادتهم ، واستهوتنا حياتهم وتجارتهم وتحكمهم إلي أن أرتضينا بخدمتهم ، نحن نحلم بأن نكون ذي ثروة مثلهم لكن لا ندرى بأي حال سنصبح في ظل مجتمع كلما ازداد فيه عدد الأغنياء كلما تضاعف أمامه تعداد الفقراء.

وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول أني لم ارد اِحباطك أبدا فهذه الحقائق ولكن للعلم كوسيلة لنشر الوعي وفى النهاية “أنت شريحة مستهدفة في دائرة مغلقة إن لم تعِ ذلك”



  • كريـم دسوقـي
    طالب بكلية اِدارة أعمال وكاتب ناشئ ورياضى , مُهتم بالقضايا الاِجتماعية والسياسية والعمل التسويقى الاِدارى
   نشر في 07 مارس 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا