ما الدفء...
كثيرة هي الأمور الباعثة على الدفء وقليل هم المستشعرون به.
الدفء ،الدفء ضحكة طفل ،صغار يلعبون الكرة بحماس وبهجة ،الدفء حضن أم ،الدفء ولدك الصغير يهرع نحو الباب حال قدومك عابثا بشعرك وذقنك ،الدفء زوجة تضم زوجها إليها بكل ماتملكه من فيض حنان ورقة حَال ضيقه ،صغيرة تضم دميتها إلى صدرها،الدفء حبيب يهرع لحبيبته حال وجلها يحمل يدها بين كفيه بدفء وحنان .الدفء ،الدفء قبر يضم راحلا يحتضنه يربت على جسده يرحمه أكثر من رحمة الأرض به،الدفء طفل تضمه بين ذراعيك فتأخذ شيئا من روحه الدافئة ،الدفء ليس مالا ولا قصورا ولا كنوزا،المال لا يجلب لنا الدفء ،الدفء كلمة أو نظرة ،يد حانية ذراع يربت على كتفك .
الدفء طبيب يعامل مرضاه على أنهم مرضى ليسوا محض تطبيقٍ لما درسه أو تكرار لحالات رآها فاعتاد السقم واعتاد آلامهم ،يلاطفهم يتقاسم آلامهم ،الدفء أن تبكي أوجاع غيرك ،أن تنسل دمعة من مقلتيك حال مصادفتك لعاجز أو فقير يتلمظ جوعا .
كثيرون هم المتلمسون للدفء في ذاك الزمان ،المجدون في البحث عنه رغم كونه قريبا منهم ،أقرب من حبل الوريد ضمتك لصغيرك نظرتك لحبيبك ،تقبيلك يديه ،أو لجبين والديك كلها ستجلب الدفء لك ولهم ،لكننا نبحث عنه في المال في بيت فسيح أو فراش أثير أو أثاث ثمين وكلها أشياء لا تجلب لنا الأمان ولا الدفء لكنها ربما تسمح لنا بممارسة خوفنا وافتقادنا الدفء برفاهية.
الحياة أبسط من كل العوائق التي نضعها في طريقنا لشيء ما للأمان أو للدفء أو للسعادة ،يمكننا أن نحيا بصورة أبسط وأهنأ بصورة تبعثنا على الدفء والأمان ،كن باعثا على الدفء للآخرين احتضن الآخرين تحسس آلام غيرك ،ادع لهم بصدق وإخلاص ،تلمس الدفء في كل الأشياء حولك وامنحه لغيرك.
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...
التعليقات
و كثيرا لا نشعر بالشيء الا بعد أن نفقده...فليتنا نشعر بما يحيط بنا ..مقال جميل جدا