تطوى السنوات وتنصرم الأعمار، ليبقى الفرح جاثيا على ركبتيه محاولا استمالة الشفاه لأن تعانق ابتسامة أبت أن ترستم على جبين وجوه عاينت وعانت من عوادي الحياة..

اﻷجساد متراخية شاحبة، غزتها تجاعيد الزمن، وآثار تلوح لنا على قساوة العيش، ومرارة الظروف، عظام واهية، وقوى متهالكة، لاشيء يعطيني انطباعا على أن هذا اليوم هو رأس السنة، الجو هادئ، والليل شبيه بموت يتسلل خلسة إلى أرجاء المدينة..

البؤساء لايغريهم طعم الإحتفال، فلاشيء في ظنهم سيتغير، لأن قدرهم المسطر مكشوف، وهم على دراية مسبقة على أن البارحة سيكون مثل اليوم، واليوم هو الغد، عام بعد عام والوطن هو الوطن، تتملكه أياد أكبر منا تتحكم بزمام اللعبة، والرعاع أجساد هزيلة تتصارع على كسب لقمة عيش منغصة بنكهة المرارة، مستعدون في الوقت ذاته على أن يضحوا بحياتهم من أجل البلاد رغم تنكرها لهم لمرات عديدة، حتى وإن لم تقدم لهم شيئا سوى المآسي والمعانات..

سنحتفل بعام آخر من الخيبات، بعام نتجرع فيه كؤوس الذل يوما بعد يوم، بعام يضيع فيه الوطن، بعام تدوس فيه أقدام السلطة على كرامتنا التي تحتضر، فاصل قصير يفصلنا عن حلول عام جديد، فلكل شيء نهايته، ولو تأملنا في نجوم السماء للاح لنا في عليائها حزن ضامر يكسو صورتها، فلا أحد يحب الرحيل، حتى السماء أمطرت بضع قطرات من ماء، وما أحسبها سوى دموع سالت من مقلتي سنة وهي عاكفة على حزم أمتعتها متأهبة للرحيل، والدموع منها سائلة كرها، لم ترد أبدا إظهار ضعفها، إلا أنها في آخر المطاف فشلت ، وهي التي كانت تتظاهر بالقوة طوال 365 يوما مضت، فدموع الوداع هي أصدق الدموع التي يمكن للعين أن تدرفها..

انتهت سنة مخلفة لنا أحداثا عديدة وذكريات حبلى بالمآسي والمسرات، سيظل بعضها راسخا في أذهاننا مدى الزمن، والباقي منها سنحاول تتداركه وبدء صفحة جديدة تشفع لنا في أخطاء قادتنا رياح التسرع لارتكابها..

انتهت سنة والجميع سيندبها على صفحته بكلمات، لايهم في كونها أكانت صادقة أم لا، يكفي أنه نطق بها مكلفا نفسه عناء كتابة حروفها..

انتهت سنة وسنبقى لصفحات حساباتنا أوفياء، فقد أمست بالنسبة لنا بطاقة هوية أشمل وأصدق من تلك التي وهبتها لنا أيادي الإستبداد..

فالفايسبوك وطن لجأنا إليه لحظة إحساسنا بأن الوطن الأم خاننا، فيه نسجنا علاقات صداقة لن تستطيع يد الخيانة التجرأ عليها.. فيه بحنا بأحلام بعضنا البعض، فيه صححنا بعض أخطاءنا، فيه واسينا بعضنا، ساعدنا بعضنا، احتضنا بعضنا البعض، دون أن نهتم باختلافهم عنا أو نراعي إيديولوجية كل واحد منا، فيه فتحنا أبواب منازلنا لبعضنا البعض، دون حاجتنا لتصفح الهوية، ونمنا في فراش بعضنا البعض، هنا فقط يجسد الحب الحقيقي، وهنا تظهر سيم الرجولة الحقة، وهذا أفضل شيء يمكن لبني الإنسان أن يظفر به في هذه الحياة..

شكرا للجميع المهنئين..

وكل عام وأنتم بألف ألف خير..

أحبكم ❤