في غابات أستراليا، وبينما كانت الطيور تستمتع بالظل الذي يزور أعشاشها والتي كانت تبنيها بأنفسها، وعلى الجانب الآخر كلب الدينغو —الذي لا تُرضي الفاكهة أهواءه— يتربص بهم في الظلام. كانوا يهربون منه إلى مكان آمن عدا طائر الشبنم الذي لا يستطيع الابتعاد بسبب أجنحته الصغيرة، وبدلًا من ذلك كان يواجهه مما يضطر الكلب للهرب، وذلك بسبب مخالب أقدام الطائر المخيفة.
قصة جيدة، أليس كذلك؟ ليست لطائر واحد فقط بل يعتبر الشبنم واحد من أصل ٦٠ فصيلة من الطيور التي لا تطير من بط وبطاريق ونعام وغيرهم.. اممم.. دعني أخبرك أولًا أن الطيران يساعد الطيور على الهرب من المفترسين، والانتقال لأماكن بعيدة، كما يمكِّنها من الصيد، ولكن لكل شيء ثمن، صحيح؟ حيث تكلفها الكثير والكثير من الطاقة، بالإضافة إلى أنها تحدد حجم ووزن جسدها.
ولذلك ما لا يطير يعتبر محافظًا جيدًا على طاقته، المهم، ماذا لو لم تتعرض الطيور إلى المفترس؟ هل ستطير فقط لتصطاد أو لتذهب إلى مكان بعيد؟ وُجد أن بعض الطيور لن تفعل، بل ستتوقف، بيد أنه بعد فترة من ألاف الملايين من سنين التطور قد تتلاءم لاجسادهم مع هذا السلوك، فمثلًا جلدهم يصبح أكثر سمكًا، والأجنحة تتقلص وربما تختفي.
وللعلم أنه قد تؤدي الحيوانات لانقراض الطيور، فالكلاب وغيرها تفترس تلك الطيور التي لا تطير مع الوقت، ولكن بالرغم من ذلك هناك بعض الطيور التي استطاعت التكيُّف مع الحيوانات المفترسة، ليس فقط، بل كانت تتطوَّر مع نموها في نفس الوقت، وأذكر منها المعروفة لدينا النعام، فأقدامها مثلًا أصبحت أكثر سمكًا وعضلاتها تطورت، وهي ككل أصبحت تكبر في الحجم، وهذا كله ما كان يمكِّنها من الركض سريعًا أو مواجهة الحيوانات.
-
فؤاد ياسر عامرطالب بكلية طب عين شمس، أهتم بالفنون والآداب، كما أؤمن بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو التغيير.