يقول الروائي الروسي العملاق دوستويفسكي في روايته في قبوي على لسان شخصيتها الرئيسية "أحسن شيء يمكن أن يفعله الإنسان هو أن يتحدث عن نفسه" وهذا ما سأحاول أن أفعل لكن ليس بمنظور أحادي فقط لأن النفس التي سأتحدث عنها ليست هي التي تكتب هاته الكلمات،هي ذات أخرى تقبع في عمق المغارة التي سأحاول أن أدخلها رغم إدراكي القبلي بخطورة ما أنا مقدم عليه،لن أستعمل ضوءا ليليا ولا عصا لأستدل بها على الطريق ولن أسير محاديا للحيطان...صحيح أنني لن أستطيع رؤية ملامح هاته النفس وتضاريسها...لكن لا يهم فأنا أعرفها كل المعرفة ،معرفة السجين لسجاّنه ومعرفة المقتول لقاتله...رغم أني لن أموت بسهولة كما تظن هي .أنا الذي لم أظن يوما أنني سأحتضن في كنفي شيئا لا يحترمني ولا أستطيع اكتساب وده...صحيح أننا تطبّعنا منذ صغرنا أننا مرافَقُون دوما بشيطان وملاك...لكنني أدركت أن الملاك قد اختفى منذ أن قالت لي أمي يوما أنني لم أعد كما كنت في صغيرا...كُنتَ طفلا يُضرب به المثل...طبعا لم أفهم ما كانت تقصده،فكما تعلمون أيضا أن الأمهات يحملن طلاسيم المعرفة الكونية بالفطرة...ومن ذا يستطيع مجابهة معرفة الأمهات...فظلَّ شيطاني أو أناتي الأخرى تتربص حتى حين...هناك في غياهب المغارة...قد يعتريني بعض الخوف والإرتباك وربما قد أفشل،لكن ما يحفزني هو عشقي لهواية اكتشاف المغارات رغم أنها المرة الأولى...فجمال التضاريس الجغرافية الممتزجة بالمياه الجوفية تأخذك لعالم أخر يغمرك بشتى أنواع الأحاسيس الفطرية والجوفية أيضا،عكس الذي دخلته قبل حين...وكما تعلمون أن المغارات معروفة بمتاهاتها وتشعباتها العديدة فقد أخرج مولودا أو مفقودا،ومن يدري...قد لا أخرج...لكني إن لم أخرج فرجائي الوحيد أن أكون ثامنهم أو تاسعهم أوعاشرهم...وكم هي مدهشة معجزة أصحاب الكهف، سأحاول بكل ما ادخرته من اخلاص وصدق ووفاء وغيرها من القيم الحميدة وبكل واقعية وبعيدا عن الخيال أن أخرج منتصرا...و لا ننكر فضل الخيال علينا،فأول مواجهة للأنا رأيتها كانت في مسلسل الأنمي "بليتش" وثانيها في قصة خيالية من مقرر الفرنسية قبل سنتين وثالثها كان بين ناروتو والذئب داخله...يا لها من قيم تبعث ويالها من رسالات معبرة...شيء لا يخفى على كوكب اليابان، وكم أتمنى أن تكون نهايتي مثيلة لهن،فأنا رغم كرهي الشديد لها إلا أني أُكنُّ لها احتراما شديدا؛أولا لصدقها الدائم معي وثانيا لقدرتها على العيش في المغارة،لكني أحتاج قليلا أكثر من الشجاعة...فطعم الإنتصار أحلى كما أنني بدون نفاق أريد أن أرتاح بعد هاته المكاشفة، وكما خُلقت في عالم واحد ولحياة واحدة أريد أن أعيش بروح ونفس واحدة...فإما الظلام أو النور حلاّن لا ثالث لهما...لوا وقت للغد حتى أفكر...فغدا أريد أن أكون على سجيتي أو سجيتها،لكنني مع اقترابي لمكان رقودها أعلم جليا أنها ستكون اخر مكاشفة...ستكون صريحة شافية وخالية من أي تبادل اتهامات أو عواطف.