هو عالم أزرق، قيل عنه افتراضي .
لا شك أن ولوجه بداية كان بدافع الفضول ، خاصة أن نقرات يسيرة على لوحة المفاتيح كفيلة بمنحك جواز العبور و تمتيعك بكافة " الحقوق" باعتبارك حاملا للجنسية الفايسبوكية .
لكن و في غفلة منا تحول هذا الفضول عند الكثير الى اعتياد، فتعلق ثم ادمان ...
وتحولت بوابة التواصل لديهم الى عالم معيش ثان ، فغاصوا في بحر المنشورات و ضاعوا بين أضلع مثلثه الخفي، متلث بيرمودا ذي الرؤوس الثلات : اعجاب ، تعليق و مشاركة.
و الخلل مع كامل الأسف أنه ليس الجميع مسلحا بنوع من النضج الفكري و النفسي المؤطر لكيفية التعامل مع هكذا بوابة للتواصل.
فنجد الكثير قد كون لنفسه هوية افتراضية منمقة ، هي غالبا لا تمثل حقيقته و التحق بسرب الباحثين عن اثبات "الذات المفبركة "، المهووسين بحصد نقرات الاعجاب !
لا عجب اذا أن ساكنة هذا العالم جلهم مثاليون، متحررون و مناضلون! شخصيات عالمة ، مثقفة ، تفتي، تحلل و تنتقد كل المواضيع و على كافة الأصعدة ! فالمهم لذى هذه الشخصيات أن تحافظ على مكانتها المرموقة ، أن يظل جدارها محجا للزوار،و أن تحظى منشوراتها بوابل من اللايكات و التعليقات وتتدفق عليهم سيول طلبات الصداقة ...
لكن ناقوس الخطر يجب أن يدق عندما يلتبس الواقع بالافتراض ، حين تصبح الحياة عند الفرد مختصرة في اطار أزرق و ينقلب جدار التواصل ، جدارا فاصلا ،يعزلك عن الواقع أو يخلق بك شيئا من الشيزوفرنيا .
حين تتلمس هاتفك بعينين شبه مغمضتين ، ، لتترك على جدارك عبارة" صباح الخير أيها العالم" ثم تهرع لتناول الفطور دون أن تلقي تحية الصباح على أهلك !
حين تبارك الأعياد لأصدقاء افتراضيين و تستثقل معايدة صديق او جار يبعد عنك خطوتين !
حين تتغنى منشوراتك بمبادئ التضامن و التكافل و تتكاسل عن المشاركة في أي عمل انساني خيري على أرض الواقع!
حين تتأبط عصا السيلفي و تقرر الخروج في نزهة ، فقط لانعاش جدارك و خلق الجديد !
حين تنشر صورة لفنجان قهوة بجانب كتاب لا تعرف عنه سوى العنوان، معتقدا أنك بهذا ادركت ركب المثقفين !
هي فقط بعض من مظاهر الادمان و الشيزوفرينيا التي لا حصر لها، لكن خلاصة القول أن حياتنا الحقيقية هنا، خارج الاطار الازرق ، هنا حيث نحن، في واقع ليس أبدا بالمثالي لكنه مشع بكل الوان الطيف .
التعليقات
لقد سميته الساحر الأزرق لانه كلما دخلنا اليه يجدبنا و يسحرنا حتى الغرق!
الأسطورة تقول انة موقع للتواصل الاجتماعي، لكن الواقع انه انقطاع تام للتواصل بين الأفراد في البيت الواحد!
متمنياتي لك بالتوفيق.