بعيدا عن التحليل و التحريم و بعيدا عن كمية المآسي بوطننا و التي جعلت منه خيمة عزاء ضخمة تكبح في الأنفُس أي رغبة في الاحتفال ...
تبقى نهاية سنة و بداية أخرى مجرد تقويم زمني يؤطر ما عايشتَ أو ما صنعتَ من أحداثٍ خلال العام.
بالنسبة لي هذا الفاصل الزمني بين عام و آخر هو موعد لإجراء جَرْدٍ شامل لإنجازاتك و كبواتك ، هو موعد لتَفَقُّدِ قطعة الأرض خاصتك تلك ، أي إنه ببساطة موسم الجَنْي يا صديق ...
و كما علمونا صغارا من جد وجد ومن زرع حصد ...
أنت تعلم أنه لا وجود لمدخنة بمنزلك ولا حتى مساحة السطح تكفي لاستقبال عربة الأب نويل و أيله اللطفاء، لهذا احرص على العناية ببستانك الخاص .
لا تنتظر نهاية السنة لتشتري الشجرة و تعلق بها الهدايا بل ازرعها بيديك منذ البداية و حبذا لو كانت بذرة تخطيط في تربة توكل تُسقى بالعزيمة و الصبر...
صدقني ستكون أجمل شجرة عند نهاية السنة. وهذا كيفما كان نوع أو حجم ثمارها .
فقد تُخطِّط لتحصيل معرفي، لنجاح مهني، لارتباط واستقرار عاطفي وأسري، لتقرب أكثر من الله، لتطوير موهبة...
أبدا لن يفيد في شيء أن تمضي السنة و أنت تلعن يوم الاثنين و تتهمه بكل لا منطقية أنه يأتي قبل موعده .
لن تفيد في شيء سياسة التأجيل الكسولة تلك، التي تجعلك تكدس أكواما من الكتب و الروايات التي لم تلمسها يداك منذ آخر صورة نشرتها بعد معرض الكتاب معلقا ب "حصيلة اليوم".
لن تفيد في شيء سياسة التأجيل الكسولة تلك، التي تحول بينك و بين ممارسة الرياضة رغم انخراطك المسبق بالنادي مستسلما لذاك التل المُتنامي على بطنك.
لن يفيد في شيء بحثك عن السعادة في مسلسلات و أفلام تمضي ساعات أمامها، غافلا عن فلم واقعي أنت فيه البطل و كاتب السيناريو و المخرج ...
سواء كنت موظفا ، عاطلا "مؤقتا"، طالبا، ربة بيت، شابا ، كهلا ، غنيا، فقيرا ... كائنا ما كنت و كيفما كنت خطط لأي شيء إيجابي مهما بدا لك بلا أهمية ، خطط ثم توكل واعمل لتصنع حدثا يستحق أن تحتفل به نهاية السنة و ان لم تنجح احتفل بشرف المحاولة و احتفل بما علمتك إياه العثرات.
فقط لا تُمضي عامك عبثا أو غارقا في بحور الروتين و السوداوية.
كل عام و أنتم مثابرون، كل عام وأنتم بخير.