من أنا بربكم ؟
ليست أسمائنا هي تلك التي فرضها علينا أبوانا أسمائنا هويتنا التي لم نعرفها بعد هويتنا التي نبحث عنها في الداخل في الأعماق
نشر في 26 ماي 2016 .
" قد أجد لقب المجنون يلاحقني وصفة القوي لي لعنة وخصلة المخلص ذنب مني وسلوك الطفل مرتبط بي ومزاجية المراهق ملتصقة بعقلي وروح الاصرار مغروسة في قلبي وكثرة التحدث وراثة لم أرثها والصمت أمام محبوبتي غباء مني وقوة كلمتي أمام صديقي صفة سيئة وضعف حالي أمام صديقتي , أجد كل ذلك وغيره الكثير , لكن لا أجد اسمي , لا أراني سوى تائه بين شخصيات عديدة أبحث عن نفسي في واحدة منها , أو ربما لي وجه حقيقي غير هؤلاء لكن أخفيه بهولاء لعقدة ما في نفسي لا أعلم .
السنوات الماضية منذ بدأ بعض الشعر يظهر في وجهي , وانا أبحث عن هويتي مراراً وتكراراً لا أجدها , ذات يوم وانا في عمر ما صغيراً , اعترفت لأمي بأنني أسرق كثيراً من الاشياء دون أن تعلم .. كقطعة الحلوى التي كانت تخبئها لي .. وشطائر البطاطا التي تطبخها .. وعلبة الزبدة والملعقة والكبريت كنت أرى شيئاً غريباً عندما أشعل الكبريت تحت الملعقة المليئة بالزبدة , كان شيئاً رائعاً الزبدة من جماد لسائل حتى تصل للاختفاء .
واعترفت يوماً ما من طفولتي بكل الأشياء اللعينة في عيني وقتها .. رغم أنني لم أستمتع كثيراً بهذه الاشياء ..( قالت لي اعتذر عن أفعالك ) .. فاعتذرت .. ولكن .. (- ادع الله أن يغفر لك .. )- حسناً يا أمي ولكن .. هل ستخرج النحلة من رأسي ؟ ( كانت مستغربة أمي وصمتت وأكملت حديثي ) - عندما كنت قد أخذت الزبدة وجريت هارباً خارج المنزل .. لحقت بي نحلة .. كنت أجري وطنينها يقترب من أذني .. فزعت ..أخذت أضرب الهواء حول وجهي ..حاولت أن أبعدها ..ولكنها كانت مصرة على شيء ما .. ارتطمت بأذني .. ضربتها .. ثم وضعت كفي على أذني .. اختفى الطنين فجأة .. ثم .. أصبحت أسمعه داخل رأسي ! (- سيغفره لك الرب إن صليت .. وسيتلاشي الطنين ..)
صليت .. صليت كثيراً , ولكن .. طاب للنحلة البقاء داخل رأسي طويلاً
صارت الكثير من أمنياتي تفوح منها رائحة السلبية حتى في أجمل اللحظات ايجابية , أين هويتي ؟ ما اسمي ؟ أريدُ وطني ؟ ذلك ما يتردد في رأسي في لحظات كثيرة , أريد قتل ذلك الصوت في رأسي النحلة تؤذيني , لو فقست من بيضة ذبابة منزلية .. أعيث في البيت فسادا ..أشيخ بعد عشرة أيام .. ثم أستسلم للموت بعد أسبوعين كحد أقصى. لو كنت شيئاً .. أي شيء .. واضح المعالم .. لو ..لو ..لو .. أي تيه هذا الذي أنا فيه ؟"
-
Mohmmed S. Massriمشروع مهندس معماري | ممثل مسرحي | كاتب