الموت و محاكمة الموتى في مصر الفرعونية.
نشر في 14 أكتوبر 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
اهتم المصريون القدماء بالدين اهتماما كبيرا و اثار ذلك في اذهانهم معتقدات كثيره منها البعث والخلود وان الموت ليس بنهايه الحياه و انه يوجد حياه اخرى ولكنها خالد لا موت فيها،لم يكن الموت نهايه لسيره الانسان في الحياه وذلك اهتم المصريون القدماء ببناء غرفه تعلو غرفه الميت لكي يتم زيارته ما قبل اهله و احبائه.
في البداية يجب معرفة اصل عقيدة عالم الموتى لدي المصريين القدماء كان ذلك عن طريق قتل (ست)اله الشر لاخوه (اوزوريس)حيث قام ست بتقطيع جسد اخوه اوزوريس وتوزيع قطع جسده علي مقاطعات مصر وقامت زوجه الاخير بجمع اشلائه و ولدت منه (حورس) الذي قام بعد ذلك بقتل اله الشر ست انتقاما لأبيه .
حسب الاسطوره لم ينتهي دور اوزوريس بعد قتله حيث ان صعدت روحه الى السماء و تحول الى حارس مملكه الموتى و كان اول المتوفين من البشر وقام بالسيطرة التامه على عالم الموتى وذلك كان تعويض له عن مملكته التي فقدها في الارض والذي اخذها بعد ذلك ابنه حورس بعد قتله لاله الشر ست وتحول ست الى ممثل الموت .
تكون في اذهان المصريين فكره عن الموت من هذه الاسطوره انه يقوم بشطر الحياة الي شطرين الشطر الأول مادي و الثاني معنوي؛ الشطر المادي : و ذلك الشطر يتمثل في عمليه التحنيط عن طريق إفراغ الجسد من أعضاءه كما تمزق جسد اوزوريس و لكن يتم البقاء على القلب في الجسد كما هو لأهميته أثناء محاكمه الميت ، الشطر المعنوي : هي خسارة الموتى للحياة كما خسر اوزوريس حياته و مملكته.
لكي يبدأ الميت رحلته في عالم الموتى يجب تحنيطه بشكل متقن للغايه لكي لا يتعفن الجسد و ذلك لاعتقادهم برجوع الروح مجددا الي الجسد لكي تبدأ الرحلة و يعتقدون أنه يجب علي الجسد البقاء علي نفس حالته بالأرض لكي تتعرف عليه الروح ، وبعد اقتران الروح بالجسد يجب العبور من العالم السفلي بوابته ال12 التي كان يحرسها الثعابين والوحوش كانت كل بوابه تحرسها حيه وبصحبتها احد القوى الكونيه ولكي تعبر روح الميت يجب عليها التعرف على تلك القوى الكونيه وذلك لكي تسمح لها بالمرور الى البوابه الاخرى و كانت القوى الكونيه على هيئه انثى كان جميعهم يتشابهون بالشكل والحجم وجميعهم يحملون فوق رؤوسهم النجمه الخماسيه وهذه النجمه رمز العالم الاخر واختلفت القوي في لون ملابسهن و في اسم كل قوي .
تنقسم الارواح الى قسمين اثناء عبورهم البوابات فمنهم من يفشل في اجتيازهم ويقع في بحيره من النار ومنهم من يعبرهم و ينجح في اجتيازهم ولكن هذه ليست النهاية فهو يجد المحاكمه في انتظاره و تكون المحاكمه كالتالي : يكون الاله اوزوريس جالسا على العرش في العالم السفلي ويوجد خلفه اخته نفتيس وايزيس وامامه ابناء ابنه حورس و42 قاضيا ومن ثم يلقي الميت التحيه ويبدا بالدفاع عن نفسه مثلما دافع اوزوريس عن نفسه امام اخوه ست في المحكمه الاسطوريه ثم يبدا الميت بقول: (السلام عليك ايها الاله الاعظم, اله الحق, لقد جئتك يا الهي خاضعا لأشهد جلالك ،جئتك يا الهي متحليا بالحق، متخليا عن الباطل، فلم اظلم احدا ولم اسلك سبيل الضالين ، ولم احنث في يمين ولا تضلني الشهوه فتمتد عيني الى زوجه احد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري ، لم اكن كاذبا ولم اكن لك عصيا ، ولم اسع الى الايقاع بعبد عن سيده، اني يا الهي لم اوجع ولم ابك احدا ،وما قتلت وما غدرت ، بل و ما كنت محرضا على القتل ،انني لم اسرق من المعابد خبزها و لم ارتكب الفحشاء ولم ادنس شيئا مقدسا ،ولم اغتصب مالا حراما ولم انتهك حرمه الاموات ، انني لم ابع قمحا بثمن فاحش و لم اغش الكيل انا طاهر، انا طاهر، انا طاهر ،و مادمت بريئا من الآثام فإجعلني يا الهي من الفائزين ) .
بعد ان يدافع الميت عن نفسه يتم وضع قلب الميت في كفه ميزان وريشه ماعت في كفه اخرى لكي تزن كل كلمه وفعل صدر منه امام ريشه ماعت رمز الحقيقه والعدل فاذا رجحت كفه الريشه فيلتهم الوحش (عمعموت) قلب المتوفي وهكذا يكون موت ابدي للميت واذا رجحت كفه قلبه فهذا يدل على امتلاء قلبه بالخير والصلاح ويلبس ملابس جيده ويدخله حورس حديقه الفردوس لينعم بحياه ابديه سعيده.
وهكذا تكون قد تمت محاكمه الموتى وان دل هذا على شيء فانه يدل على سيطره المفاهيم الحسنه على عقول المصريين القدماء والاخلاق الحميده التي اتسموا بها والتي نفتقدها نحن في عصرنا هذا .