لعل من أهم دوافع كتابة هذا المقال نقل تجربة شخصية أو بالأحرى معركة شخصية قد حمي وطيسها في الآونة الأخيرة و ها أنا ذا أحاول جاهدة كسبها و لعلي لست ببعيدة.
لطالما كان حلمي أن أحضى بحياة متوازنة بين العمل و الدراسة و الترفيه و من منّا لا يريد ذلك إلّا أن بين الحلم و الواقع هوّة سحيقة حفرتها بيدي و التي تتمثل تحديدا في ما يعرف بال"procrastination".
ما هي ال"procrastination"؟
يمكننا تعريب هذا المصطلح ب" المماطلة" أو تأجيل الأمور إلى "الدقيقة تسعين" كما نصطلح على ذلك بلهجتنا العامية نسبة إلى الدقيقة الأخيرة في المباريات الرياضية.تقول الإحصائيات أن 20% من عامة الناس بينهم 85-90% من صنف الطلاب أو التلاميذ يصفون أنفسهم أنهم "مماطلون" أو يؤجلون أعمالهم بصفة متكررة إلى آخر أجل.
ماهي أسبابها؟
يقول بعض الباحثون أن السبب يعود إلى طبيعة الأشخاص فيوجد من بطبعه كسول لا يميل إلى العمل و النشاط إلّا إن إقتضت الضرورة بينما يذهب البعض الآخر إلى كثرة المسؤوليات و سرعة نسق الحياة دون وجود نظام معين يمكن إتباعه.
و أظنني أنتمي إلى هاته الفئة الأخيرة. فمنذ ما يقارب السنتين توظفت كأستاذة تعليم إبتدائي مع مواصلة دراستي بمرحلة الدكتوراه لم يكن الأمر هيّنا لما يتطلبه كلتا الأمرين من عمل جاد و نسق جنوني وجدتني تائهة أجهل أيّ الطرق أسلك. و منذ ذلك الوقت أصبحت المماطلة ملاذي الوحيد. إلّا أنّ هذا المفرّ لم يزد إلّا الطّين بلّة، إذ أصبح شبح الآجال أو ما يعرف بال"deadline" يلاحقني حتى في أحلامي. فبين آجال البحوث و المشاريع و الإجتماعات المهنية و الدراسية و ما قابلته به من هروب و تأجيل متواصل أصبحت فريسة سهلة للضغط العصبي و الخوف و كل الطاقات السلبية بأنواعها. و قد أثر ذلك بشكل مباشر على أدائي خاصة الدراسي منه. لم تكن التجربة سهلة إذ ولّدت لدي شعور دائم بالإحباط و عدم القدرة على الإنجاز و من ثمّة تزعزع ثقتي بنفسي.
و قد يمر بهذه التجربة الكثيرون و الكثيرات خاصّة منهم ربات البيوت و الأمهات و كل من يجمع أكثر من مسؤولية أو حتى من يقوم بشيء واحد كالطلاب كما أسلفت الذِكر. و قد يتجاوز الأمركل هذا و تتسلل هذه العادة السيئة إلى أمور أكبر كتأجيل العبادات أو كل ما يتعلق بالصحة كالقيام بفحوصات أو زيارة الطبيب إلخ.
ما هي الحلول؟
يشبه الأمر التعامل مع طفل عنيد أين يجب أن تتحايل عليه أحيانا أو أن تقابل عناده بعناد أقوى أحيانا أخرى.
بعض الخطوات العملية تتمثل في أن تتخيل نفسك قد أنجزت ما عليك إنجازه عندها سيحفزك هذا الشعور فعليا للإنجاز أو ربما تدفعك مشاعر الخوف و القلق فور تخيلك عدم إنجاز المطلوب إلى العمل. لكل فرد طريقته في الإستجابة للمحفزات. شخصيا أفضل الطريقة الأولى.
تقسيم المهمات الصعبة إلى مهام أصغر من شأنه أن يخفف شعور الهلع من عدم القدرة على الإنجاز. و في هذا الصدد وجب توزيع المهام حسب تردد طاقتك إجعل المهمة الأصعب وقت ذروة نشاطك.
التخطيط و التنظيم و تقسيم الوقت أحد أهم الحلول و أنجعها كما أنّ تدوين كل شيء مهما بدا تافها بإمكانه تصفية ذهنك و منحك القدرة على التركيز أفضل.
تحقيق التوازن و القيام بالأشياء التي نحبها هو ما يسلبنا إياه ال"procrastination" لذلك فإن ممارسة ساعة من الرياضة أو تعلم درس جديد من العزف أو ربما كتابة مقال من شأنه أن يرفع شعورك بالهمة و الرغبة في الإنجاز.
بالإمكان أيضا مكافأة نفسك بأخذ قسط من الراحة أو تناول قطعة شوكولا أو الخروج للتنزه إثر إنجاز أمر ما.
كل ما سلف ذكره لا يمكن تحقيقه إلا بالرغبة الحقيقية في التغيير و الإرادة ف"كل من عند أنفسنا".
-
إيمانأما ما يُكتب فيبقَى وأما ما يقال فتذروهُ الرياح
التعليقات
ابدعتي أتمنى لك التوفيق إيمان :-)
للأسف مشكلة التأجيل يعني منها معظم الأشخاص لأننا نركّز على الصعوبات التي سنواجهها أثناء تنفيذ تلك المهمة مما يجعلنا نخاف منها .
و الحل الأمثل كما قلتي هو تقسيم المهمة الكبيرة لمهمات أصغر لتحقيق إنجازات صغيرة تعطي دافع كبير للقيام بباقي المهمات .
رائع , بالتوفيق .