أشباه أصدقاء...! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أشباه أصدقاء...!

  نشر في 23 أبريل 2017 .

"أشباه أصدقاء "

لطالما سمعت مهاتفات والدتي لصديقتها بعد أن تجاوزا معاً الأربعين ،واطمئنانهما على بعضهما البعض من حينٍ لآخر ، رغم ظروف سفرنا خارج البلاد ، ورغم مرور السنة تلو السنة بدون رؤية بعضهما البعض ، ولكن ذلك لم يمنع كلتيهما من محادثة إحداهما الأخرى ومعرفة أحوال بعضهما والترتيب لمقابلة فور توفر الفرصة .

ولكن في الحقيقة كان هناك سؤال يراودني حين أسمع صوت ضحكة والدتي وهي تهاتفها: " هل يكون لي يوماً مثل تلك

الصديقة ؟ وكيف لي أن أختارها وهل هيا سارة أم جنى أم رؤى ؟ "

مرت الأيام والأيام وينضج ذلك العقل

الصغير ،الذي كان لا يرى الحقيقة كاملة بل يكاد لا يراها !

مازالت أمي تهاتف صديقة عمرها ومازالت تتعالى ضحكاتها وهي تهاتفها ولكن ..!

ولكن لم أرى أمي يوماً تشكو لها من ما يهمّها أو يحزنها !

بل كانت الكارثة قد تكون والدتي في أسوء حالاتها ومازالت ضحكاتها مستمرة بنفس ذاك النغم الموسيقي الذي يبدو للسامع للوهلة الأولى أن صاحبه مفعم بالسعادة !

ولكن لماذا !؟

أليس الصديق وقت الضيق !

أليس الصديق هو ذلك الذي يحتويك في وقت حزنك وتلك الكلمات الرنانة !

يالا الهول !

ومرت المزيد من الأيام ،وقد اتخذت الكثير من الأصدقاء ، من كل الألوان والأجناس لم أعرف حتى كم منهم يذكرني وكم منهم لا يذكرني الآن..

ولكن وجدت نفسي أمام صديقتين ،وجدت منهما المعاملة الحسنة والرفق واللين ولكن مازالت مشكلتي قائمة !

ما زلت أفعل ما تفعله أمي !

كنت أتصنع السعادة أمامهما وتتعالى ضحكاتي معهما وقلبي يكاد يتفطر !

ترى لماذا ؟

ازداد الأمر سوءاً يوماً بعد يوم ...يصيبني من الأمر ما يصيبني ولكن مازالت تلك الابتسامة المصطنعة لا تفارق وجهي أمامهم ..

حسناً ، ولكن أين ذاك الصديق الذي يعرف ما بك من لمعة عينيك ، ومن طريقة ضحكتك وحجم شفتيك اليوم !

يا لهذه الصفصقة !

بدأت بمحاولة لاتخاذ موقف تجاه هذا الوضع المؤلم .

وأول مشكلة قابلتني حاولت أن أستنجد بإحدى صديقاتي التي كنت قد أوهمت نفسي أني على مكانة عندها ....ولكن عقلي لم يزل يفكر "هل ستستجيب لندائي ؟" ، وإن لم تفعل ؟ ماذا لو أثقلت عليها ؟ أين كرامتي حين ترفض ؟ ماذا ستكون نظرتها إلي ؟

ولكن في تلك اللحظة يقطع حبل أفكاري سؤال "هل هذه صديقتي حقاً؟ "

أيجب أن أتكلف ذاك التكلف كله مع صديقتي ..لماذا ؟!

أليس الصديق هوا من تخلع عنك رداء تكلفك أمامه !

وكعادتي فضلت الاحتفاظ بكرامتي على أن أضعها رهن الاختبار !

وتمر الأيام والحال كما هو عليه ..

إلى أن وجدت تلك الصديقة التي ينتشي لها القلب ويزهو عالياً ، شعرت وأن الدنيا قد تبسمت لي .

وبالفعل لا أذكر يوماً خلال تلك الفترة لم أسمع صوتها أو أرى كلماتها في نوافذ الدردشة ..ساعدتها كثيراً بل قدمت لها الغالي والنفيس ..كان كل من يراني معها لا يكاد يتعرف ملامحي من السعادة.

خلت أني وجدت مصباح علاء الدين !

نعم وجدتها ، وجدتها ...

وياليتني ما وجدتها ،فلا أزال أذكر تلك الرسائل التي بعثت بها مراراً وتكراراً ولم أتلقى أجابة ، لعلي مازلت أذكر صوت صافرة انتهاء مدة انتظار الهاتف وكأنها تخترق طبلة أذني نافذة إلى قلبي كرصاصة ،لعل ظرفاً ما أصابها ولكن ألسنا صديقتين ! أليس ما يصيبك يصيبني ؟

أليس من المفترض أني أول من يعلم؟

يا للأسف فلم أكن حتى آخر من يعلم !

أعدت الكرة ،و حاولت مع أخرى مجدداً ، فوجدتني أحببتها وأحببت طريقة كلامها ، أحسست كما لو أني قابلت نفسي ، متطابقتين في الأسلوب والأفكار ، وجدت راحة تامة بجوارها ، حتى أني قد استعرت بعض

ألفاظها !

لا أذكر كم ضحيت من أجلها ، لا أذكر كم مرة مكثت أفكر في كيفية إسعادها، ويالا خيبة الأمل فعند أول منعطف افترقنا ،

لماذا افترقنا ؟

حسناً ، افترقنا لكونها لم ترضخ لرغبتي تلك المرة ، كنت في كل مرة أنزل عند رغبتها، ولكن عندما حان دورها قال لي لسان حالها بكل عنفوانية "لا " ، ضاربة بتلك التي يسمونها العشرة "والعيش والملح " عرض الحائط .

تلك المرة تأثر قلبي بشدة بالغة ، نعم كنت أراها شبه يومياً ، لكن تلك المرة لم تكن بجواري ، بعد أن كنا علامتين مميزتين إحدانا للأخرى ، لا يجمع بيننا سوى السلام .

كان كل ما يؤلمني أشد الألم هو وجودي مع من اتخذتها صديقة لها بعد ما حدث ما حدث وكيف لي أن أراها تفضلها عليا في كثير من الأحيان لتتسامر معها ، وتسرد لها تلك التفاصيل التي حفظتها عن ظهر قلب .

لا أدري أذلك عيب يعيبني ، أم ذاك الصديق الوهمي الهلامي غير موجود حقاً ، لعلي كنت مخطئة عندما بدأت أبحث عن ذلك الصديق الخارق للطبيعة .

لا أدري فإن طبقنا المثل الشائع "الطيور على أشكالها تقع "فبذلك أكون أنا المخطئة في المقام الأول .

ولكن كل ما أؤمن به الآن ، أني بلا أصدقاء ، لا أجد من حولي من يستحق ذلك اللقب العظيم ،لا أجد حولي من إن نزلت بيا مصيبة فيكون أول وجهتي ، لا أجد حولي من إن ضاقت بيا الدنيا هرعت إليه ،ولا أدري هل سأجد ذاك الصديق ؟!ومتى ؟وأين !

هل سأجد ذاك الصديق الذي يأخذ بيدي إلى الطريق الصحيح في هذا العالم الممتدة أقطاره ، هل سأجد من يربط على قلبي ،من يمسك بيدي ويدفعني إلى الأمام ، هل سأجد من ان غابت الأجساد فتلتقي الروح !

كثير من الأماني ولكن هيهات .

ومازالت رحلة البحث مستمرة ...


  • 10

  • Maryam Taha
    طالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..
   نشر في 23 أبريل 2017 .

التعليقات

راوية وادي منذ 7 سنة
عزيزتي مريم مقالتك حلوة و صادقة و تمس الكثير في صميم علاقاتهم مع الناس . و لكن دعيني أضبف أن الصديق ليس ثوباً نفصله على مقاس نرتديه حين نشاء أو كيف نشاء، كما أنه ليس بالضرورة يشبهنا ،و يحب ما نحب و يكره ما نكره و إلا لنظرنا إلي أنفسنا بالمراة وصدقنا بأنا أصدقاء أنفسنا و كما أن الصديق ليس بالضرورة يجب أن يعرف كل تفاصيل حياتنا حتى نصبح مصدر ملل و كآبة للأخرين. عزيزتي مريم دعني أقول لك أن أمك أكثر ذكاء و حكمة منك و من معظم الناس لأنا لا نريد من يأجج نار المشاكل و المتاعب و يجدد علينا الهموم و المواجع و ما نقوله للآخرين يعني أنا نرغب أن يعرفه كل الآخرين ، نريد صديق يسمعنا بحب و صبر ، يرفه عنا و يضحكنا و ينسينا قدر متاعبنا و أحيانا فشلنا ،و يشحن روحنا بطاقة إيجابة تحفزنا على الإستمرار و إحتمال ما نعاني من إلتزامات الحياة. و استحضر قول النابغة الذبياني:
و لست بمستبقٍ أخاً لك لا تلمه على شعث و أيّ الرجال المهذب.

و المقصود بالشعث هو الخطأ فليس من صديق كامل بلا زلل.
0
مقاال رائع
سلمت أناملك أختي ^_^
0
Maryam Taha
أشكرك
عمرو يسري منذ 7 سنة
مقال رائع .
للأسف نحن في زمان قل فيه الأصدقاء الحقيقيون .
أنا مؤمن تماما أن الأرواح جنود مجندة تتلاقي أو تتنافر , لذلك قد نتآلف مع شخص من أول لقاء و ننفر من آخر نراه كل يوم .
أتمنى تجدري ذلك الصديق الذي تتمنيه .
بالتوفيق :)
0
Maryam Taha
أتفق معك تمامًا ..
أشكرك .

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا