في قرية نائية تقع في النصف الآخر من الكوكب، أوصلني رفيق الفؤاد إلى بر الأمان، برٌّ عبارة عن سهل شديد الخضرة، تزينه الأشجار من كل حين و صوب، و أثناء عبورك في هذا البر المذهل تدق الألحان أجمل النوتات لتصل إلى طبلة أذنك مغمورة بالنقاء و الصفاء، و ليس هذا فقط بل يعبر في وسط هذا السهل الغني بالحياة نبع ماءٍ صاف تماماً من أي شوائب أو ملوثات .. سرطانات البحر اتخذته مأوى لها.. السلاحف اتخذت مواقعها على جانبيه .. و يكتمل هذا المكان بالسماء الصافية، مع العصافير التي تخالها مرسومة لشدة جمالها و دقتها..
حتى الآن كل شيء جميل، أوصلني ذاك الصديق الى بر الأمان .. قضى معي لحظات قد تكون الأجمل من بين ما حييت حتى الآن.. أوصلني فَرَحي ذهاباً و إيابا الى سطح القمر.. عبرت المحيط الأطلسي من شدة فرحي .. لم تخطر على مخيلتي أنها قد تكون لحيظاتٍ، اعتقدت ان كل شيء سيكون على هذا الحال حتى تتخذ الروح طريقها خارج منافسي الى رب أرحم .. حدث عكس ما توقعت .. حدث مالم يكن بالحسبان .. اطل ظلٌّ خافت اللون من بعيد، أمسك ذاك الصديق و أخذه بعيداً عني، لم يكن هذا ما كسر ضلوعي و لكن موافقة الصديق له و الذهاب معه دون النظر إلى الوراء، كان ما كسر أضلاعي، و قطع قلبي أربا أربا . لم يتردد ذلك الصديق ابدا، و ذهب مع الظل في مهب الريح .. ليته نظر الى الخلف قليلاً و رآني لربما غير قراره .. ليته نظر إلى الخلف و رآني أذوب كشمعةٍ منتهية، لعله رآني أتهاوى و لا شيء استند عليه، لعله رأى عيناي تذرفان الدم بدل الدمع .. و لكنه لم ينظر، رحل و أمات معه كل ذكرى، جعل كل ذكرى سكيناً تنغرز في جوفي كل ليلة و نهار ، كلما حلت الذكرى على بالي ..
ليتك نظرت، لربما عدت .. و لكنك لم تنظر و لن تنظر .. لم تشعر يوماً و لن تشعر .. لن تحسَّ بالطعنات اللواتي أحس بهن في كل حين و تو .. ليتك استدرت، و لكن هل ينفع الندم ..
التعليقات
اعيش وحدي فى ظلام دامس
عطر المحبين بالغ الاسى
فلئن ذاب الوجد من تلامس
فقد عاثر الحظ غيم السما
بعت الهوى بقلب بائس
واشتريت السهد ما اجمل التسهدا