فاكر أول like عملته ليها
كان وقتها إحساسك إيه
لما كنت بتراهن نفسك
إنك هتعلقها بيك
و إنك هتبعت المرة دي الـ add
و إنها مش هتكسف معاليك
من فضلك إنتظر ولا تغلق الصفحة فهذا الكلام الغريب ليس كلامي بل هو مطلع قصيدة – إن جاز أن نسميها قصيدة – من ديوان حقّق أعلى المبيعات في معرض الكتاب المقام حالياً بالقاهرة , ولا تظن أن هذه حالة فردية فللأسف معظم الكتب هناك على هذا المنوال , يكفي أن تلقي نظرة على قائمة الأكثر مبيعاً حتى تشعر بمدى فداحة الأمر , فهذا شخص جمع منشوراته (بوستاته) على الفيسبوك في كتاب و قام بنشره , و ذاك ألّف كتاباً سطحياً مليء بالمشاعر الزائفة (أو كما نقول في مصر : المُحن) تحت مسمّى الرومانسية , و بين هذا و ذاك ضاع الذوق الأدبي .
كان معرض الكتاب دائماً عيداً حقيقياً لكل محب للثقافة , فعلى مدار 47 عاماً إعتدنا أن يُطلق فيه الكُتّاب إبداعاتهم , فكنّا ندّخر أموالنا طوال العام إستعداداً لهذا الحدَث حتى نشتري ما لذ و طاب من الكتب , لكن منذ ما يقارب الخمسة أعوام بدأت أذواق الكتب تتغيّر , فبدأنا نرى الروايات المكتوبة لا أقول بالعامية لكن بعاميّة العاميّة (أو السوقيّة بمعى أدق) و الروايات ذات الفصول الجنسية الصارخة و القصائد الغريبة التي إمتزجت فيها العربية بالإنجليزية , و ظهر بالتوازي جيلاً جديداً ينجذب لهذه الكتابات دون غيرها يمكن أن نطلق عليهم (القراء الجدد) خدعتهم لافتة (الأكثر مبيعاً) .
في البداية كنت أرى أن هذه الظاهرة إيجابية فهؤلاء القرّاء الجدد سرعان ما سيملّون من هذه الكتابات (خاصةً أنها متشابهه جداً مع بعضها) و يتّجهون لكتابات و مجالات أخرى لكن ظني لم يكن في محلّه فقد تطور الأمر بشكل آخر , حيث إزدادت هذه الكتابات سوقيّةً و إزدادت الجرعة الجنسيّة فيها و إزدادت اللغة إنحداراً حتى أنني لن أندهش إن ظهرت كتباً بالفرانكو في الدورة القادمة للمعرض .
إنني لا أعترض على من يقرأون هذه الكتابات فهذا قرارهم الشخصي , لكن ما يثير غضبي عندما أجد شخصاً لمجرد أنه قرأ كتاباً واحداً من هذه الكتابات يقدّم نفسه للجميع على أنه مثقّف فيخوض فيما يعلم و ما لا يعلم و ينتقد الجميع و يتهكّم على كبار الكتّاب و بالطبع يضع على حسابه الشخصي صورة لكتاب بجانبه فنجان من القهوة (الراعي الرسمي لمثقّفي الإنترنت) .
إننا أمام ظاهرة خطيرة للغاية فالأمر ليس مجرد كتابات قد نتفق أو نختلف معها , لكنها ثقافة جديدة تغزو مجتمعنا العربي (المُهلهل من الأساس) فالشباب اليوم يستقون ثقافتهم و ألفاظهم و أسلوب حياتهم من هذه الكتابات , فإذا كتب أحدهم أن الزواج نظام فاشل و الأفضل هو الحرية الجنسية يسبرون وراءه , و إذا إخترع آخر كلمة جديدة يستخدمونها دون تفكير و هكذا إنعكس الوضع فبدلاً من أن نقول فالخيل و الليل و البيداء تعرفني أصبحنا نقول فالواتس و الفيس و الفرانكو يعرفني .
إن الجهل الصريح خطر لكن الأخطر منه الجهل المُقنّع بقناع الثقافة .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
منذ الصغر كنت أحلم بأن أغدو كاتبة مرموقة في عالم الأدب، كنت أحاسب نفسي على كل حرف أكتبه، وعلى كل وصف أستعمله، لأخرج بأدب حقيقي ومؤدب، لكن قررت التنازل عن حلمي والابتعاد عما أحب، بعد أن رأيت كم السفه الذي اجتاح عالم الأدب، وقلت في نفسي، لن يخسر العالم شيئا من ابتعادي، فهو على الأغلب لن يسمع بك وسط هذا الزخم ( الزنخ).
انا قرأت الشعر المقرف ده اول ما الديوان نزل وكنت هتجنن ..
مقالة رائعة صورت الوضع الحالي بدقة تامة أشكرك
لم يتعوّد قرّاء اليوم أن يقرأوا لكتّاب مشهورين عالميا، بأفكارهم و طريقة كتابتهم و شدّهم للقارئ حتّى أخر صفحة خلال يوم أو يومين، لهذا لا تلمهم أخي، و دعهم يسبحون في فضاءهم العقيم فلن تدوم شهرتهم سوى لحظات ... حتّى الرفوف ستمقتهم أو يلعنهم غبارها مدى الحياة ،و لن يخلّدهم لا تاريخ الأداب و لن يشهد عليهم بالعرفان أي كاتب سوى بتفاهة و حمق أفكارهم،أو كان مثلهم، حين تكتب يجب أن تشعر كأنّ روحك تخرج منك... و أنت تنزف كما قال "هيمنغواي" ، أن تشعر بألم الحمل مثل المرأة، إن لم يكن ذلك... فأنت فقط... لا داع ان أقول أكثر لعلّ من لديهم أفكار راقية و ينهلون من نبع عذب سيفهمون ما أقصده؛ لذلك دعهم يحلمون صديقي في عالمهم و دع أيضاً من يقرأ لهم يصطاد الأفكار في بركة لا يرتوي منها سوى الخنازير.