عندما دخل فتحي على مديرهكان يمسك في يده اليمنى ورقة حيث بدره الأخير مستنكراً: "كالعادة؟!" فتقدم فتحي وقدم الورقة بين يدي المدير .. أمسك المدير بالورقة بلا مبالاة وكأنه كان يعلم محتواها، وبعد نظرة خاطفة لم تدُم رفع المدير عينه وقال:" لماذا لا تستمع إلى نصيحتي يا فتحي؟! أنت عامل ماهر ونحن في حاجة إليك لكن طريقتك في حل المشكلات لا تساعد على الحل بل تخلق مشاكل أخرى .. ها أنت لا تزال تطالب بشراء (صامولة) للماكينة التي تعمل عليها بعد انتهاء عمرها الافتراضي، حيث تحطمت وانتهى أمرها! هل تظن هكذا يتم حل الأمور هنا؟ أظن أن هذه هي المرة السادسة التي تدخل فيها عليَّ وتقدم فيها نفس طلبك في موعد تقديم الطلبات من كل شهر!
لقد قلتُ لك من قبل أن تشتري تلك القطعة على نفقتك الخاصة وأن تستأنف عملك، فأنت تعرف أن مواردنا المالية محدودة والإدارة العليا لا توفر لنا حتى أقلام الكتابة في دفاترها، وأنا لا يخفى عليَّ -بالجهة الأخرى- أنك متزوجٌ ولديك طفلة في عامها الثاني، وهؤلاء بحاجة إلى راتبك الذي تحصل عليه مقابل عملك، فلماذا لا تستمع إليَّ؟!
أنا أخشى أن ينتهي بك الحال التسول على صناديق الصدقة والوقوع في دُوَّامات السلف والدين  .. وكم من مرة سألتك لماذا لا تعمل؟ فتجيبني بأنك تنتظر إصلاح الماكينة .. أنا لا أعرف من أين تتقوت ليومك وكيف تتعيَّش أسرتك؟!
هل تغفل أنه لم تأتِني أية أوراق قبض مرتب لك منذ ستة أشهر؟!! حتى الطلبات التي تقدمها أنا لا أعرف حقيقةً من أين تأتي بثمن ورقة الطلب كل شهر ؟ هذا عجيب! 
أرجو أن تسمع إلى نصيحتي هذه المرة لأنك تعرف أن هذا هو آخر طلبٍ يمكنك تقديمه في مهلة ستة أشهر تتيحها الهيئة للشكوى وبعدها يسقط حق الشكوى بداعي (تداعي الأهلية الفردية تجاه أعباء المسؤولية) وتصبح بعدها في عين القانون فرداً فاقداً لاعتراف الدولة به وبمسؤوليتها تجاهه .. عليك أن تشتري تلك القطعة وإلا سيأتي غيرك ويشغل مكانك ويشتري القطعة ويستمر العمل .. فأنت تعلم جيداً أن الدائرة تتصل ولا تنقطع وإلا خرجت الدائرة عن معناها! والساقية التي لها نير لا تتوقف عن الدوران!"