علمتنى بلادى أن أتذوق معنى الألم و الأسى..علمتنى ألا أحلم أبداً ..علمتنى أنه سوف يتم تحطيم آمالى دوماً ..علمتنى ألا أحلم بأى شئ سوي الطعام و الشراب والعيش حية.
علمتنى بلادى كل معانى اليأس والبؤس..أن أبتسم أمام الجميع و أبدو قوية وفى الداخل يتمزق قلبى تمزيقاً.
علمتنى هذه البلاد التعيسة أن الحزن هو عنوان يومى ، والتعاسة هى رفيقتى ، والألم هو ظلى الذى لا يفارقنى.
تضيع فى بلادى كل الأحلام الجميلة والامال المحلقة ، ولا يبقى سوى الحزن والألم..تهدمك هذه البلاد و تحولك من النجاح إلى الفشل ومن البهجة إلى التعاسة ثم تتركك وقد تحطمت نفسيتك وماتت روحك.
لقد عرفت فى هذا الوطن معنى الوحدة و الإنعزال عن الناس، لقد عرفت معنى أن يتخلى عنك الجميع فى أوقات احتياجك لهم ثم يعودون إليك يلتمسون المودة عندما تقرر الإستغناء عنهم والتخلى عن خدماتهم ....يتركونك وقت الشدة ثم يعودون إليك وقت الرخاء!
علمتنى بلادى هذه الشقية أن الأحلام و الامال الجميلة لا تتاح أبداً إلا لأصحاب الأموال و الجاه ..لأصحاب المناصب العليا ..لمن يستطيعون الدفع أكثر .
على هذه الأرض ، لايحترم المسؤولون معنى العلم ومعنى النجاح ، وقد أدركت ذلك عندما رأيت الجاهل و الأمى هم الأغنياء الذين يتحكمون فى أصحاب العلم ويقودونهم بأموالهم ، بينما العلماء فليس لهم نصيب من الحظ إلا قليل .
فى هذه البلاد ، الأغنياء فقط هم من يحظون بالمعاملة الحسنة التى يشوبها التملق و الحقد ، هم من يتمتعون بكل ما على هذه الأراضى من نعم ، هم من يديرون البلاد بأموالهم !!! أما الطبقات الأقل منهم ، فليس لهم حق الحياة فى هذه البلاد التى خلت من الإنسانية و الادمية ، حتى و إن كانوا علماء أو أدباء أو أطباء....
لذلك ، فوطنى ليس ذاك الذى ولدت فيه ، بل هو المكان الذى تنتهى فيه كل محاولاتى للهروب !