مع زقزقة العصافير و انتعاش الجو بأشعة الشمس، أفاقت زمردة و انطلقت نحو احلامها لتكتشف الباب الثاني وما يخفيه لها من مفاجآت. عند وصولها امام الباب كان غريبا، ليس كالباب الاول في طوله و حجمه، بل كان بابا صغير الحجم، يتسع لمرور شخص و هو مستلقي على بطنه. كان هذا الباب مثلما يرسم في كتب الخرفات و القصص العجيية . ضحكت ساخرة و بصوت رنان. و كأنها شخصية في احدى الأساطير القديمة. لكنها استعادت تركيزها و قررت عبروه . و عندما انحنت لتكون في طول الباب، وجدت رمزا وضع على الباب، مكتوب بخط واضح، خيالي اوسع من الفضاء. لم تفهم ما يقصد بذلك. و لكنها نطقت الكلمات بصوت يكاد يكون مرتفعا. فجأة فتح الباب الصغير. فزعت من الامر لكن، هي علمت انها نطقت الكلمة السرية حتى يفتح الباب الصغير.
في البداية وجدت صعوبة في المرور، نظر لجهلها طريقة الأفضل للاستلقاء . لكن بعد محاولات قليلة. استطاعت ان تجتازه . و الغريب انها بمجرد ان خرجت من ذلك الباب اختفى. و اصبحت في مكان واسع مثل الفضاء، فارغ المحتوى، و الأهم لا يوجد نقطة بداية او نقطة نهاية حتى تستطيع حسم الأمر و الخروج بسرعة.
راحت تمشي و تمشي في دائرة مفرغة. رغم انها ظلت تحاول اكتشاف المكان بقدميها، لكن لا جدوى من ذلك.
وهي كذلك و الحيرة تقتلها، تذكرت الكلمة السحرية المفتاح، و فكرت في تجربة ترددها هنا. علها تأتي بنتيجة تخرجها من هذا المأزق. وقفت بثبات و مشت خطوات الى الأمام، و ظلت تردد: "خيالي اوسع من الفضاء" عدة مرات بدون انقطاع.
و فجأة تشكلت أمامها أمور كثيرة و سريعة. كان الفضاء يظهر في ذلك المكان، من كواكب و نجوم، و ايضا رأت الشمس و القمر و الارض. ذهلت من سحر الفضاء و وجدت نفسها تقف هناك دون ان تفقد توازنها، بل استطاعت ان تطير على ارتفاع طفيف. كان الأمر مذهل و خلاب و شبيه بمعجزة حقيقية.
وبعد جولات استكشافية استغرقت الكثير والكثير من الساعات. و الغريب ان زمردة لم تتعب او تتوقف بل ظلت تمتع نظرها بأشياء لا تحدث أبدا لشخص عادي.
لكن لابد ان لا تنسى نفسها في هذا الفضاء الشاسع و لا تتكمن من الخروج بعد ذلك مثلما حدث للشاب الغابة الوردية. لم تنتبه لهذا الامر في البداية لكن لاحظت انها لا تتعب من الطيران بين هذه الكواكب و من المشي فوق كل كوكب يذهلها بمنظره النادر. و من تتبع النجوم و الدوران حول اي كوكب صغير الحجم. و الاهم انها لم تشعر بالدوران او الاغماء، و لا بالجوع و لا بالعطش ايضا. في هذه الدقائق التفكير، قررت ان تتوقف عن العبث و تجد مكان للخروج.
و هكذا ظلت تلتفت كثيرا كانها اضاعت شيئا، و بما ان الفضاء شاسع لم تجد طريقة ناجعة لايجاد مخرج. لكن لمحت من بعيد نورا مضيئا يجذب إليه بعض الصخور الفضائية. فتوجت اليه بدون تردد.
(إلى اللقاء في الجزء القادم )
-
راضية منصورمختصة بدارسة قانون سنة ثالثة دكتوراه