" هل الماضي أجمل أم الحاضر ؟ "
نادراً ما سألت هذا السؤال لشخص و أجابني أن الحاضر أجمل , دائماً تأتي الإجابة بأن الماضي أجمل و ليته يعود يوماً , لكن هل فعلاً الماضي أجمل ؟!
عندما أسأل نفسي هذا السؤال كنت أجيب تلقائيا بأن الماضي أجمل و الحاضر قبيح و الآتي أقبح , إلى أن جاء يوم سألت نفسي " لماذا دائماً الماضي أجمل؟! " , فعندما كنت في المرحلة الثانوية كنت أضيق بها ولا أرى فيها سوى المذاكرة و الإمتحانات و كنت أحنّ لمرحلة الطفولة حيث اللعب و المرح بلا حساب , و عندما دخلت الجامعة وجدت نظرتي قد تغيَّرت إلى المرحلة الثانوية فقد أصبحت أحنّ إليها و إلى أصدقاء هذه المرحلة و مشاغباتنا و ذكريات المراهقة المبكرة , فما الذي غيَّر نظرتي لها ؟
فكّرت كثيرا حتى وجدت الجواب : الذي حدث أن الثانوية قد إنتهت بلا رجعة و إنتهى معها الخوف منها , و عندما زال الخوف أصبحت أرى كل شيء بوضوح , بالفعل كانت تلك المرحلة سيئة في مذاكرتها و إمتحاناتها و الضغط الذي كانت تسببه لي , لكنها لم تكن بذلك السوء الذي كنت أراه بها , فقد كان بها من الذكريات الجميلة ما يوازي الذكريات السيئة بل يزيد , فتلك المرحلة لم تكن جميلة أو قبيحة بل كانت مرحلة كأي مرحلة , كأي شيء في الدنيا فيه السيء و القبيح .
نحن نحنُّ إلى الماضي لأنه ذهب , و لو عاد لكرهناه , فرغم حنيني لمرحلة الثانوية إلا أني لا أعتقد أني سأحبها إن عادت مرة أخرى , لا أعتقد أني سأحب تلك المواد السخيفة التي كنت أدرسها أو تلك الإمتحانات العجيبة التي كانوا يأتون بها , حتى شخصيتي التي كنت بها لا أظن أني سأحبها إن عادت مرة أخرى فقد كانت مليئة بالعيوب التي إكتشفتها بعد ذلك .
عندما تكون مراهقاً تتمنى أن تعود طفلا , و عندما تصبح رجلاً تحن إلى مرحلة المراهقة , و عندما يأتيك الشيب تتمنى عودة مرحلة الرجولة , وهكذا يصير الأمر بالنسبة إليك من السيء للأسوأ , الماضي لم يكن بتلك الروعة , و الحاضر ليس بهذا القبح , لكن الإنسان دائماً يحنّ إلى ما إنتهى لأنه يأمن أن شروره قد إنتهت و لن تطوله , فكل زمن فيه السيء و القبيح , فيه المميزت و العيوب , ليس هناك عصر ذهبي أو عصر ظلام , فعلى الإنسان أن يلتفت لحاضره , فحتى لو كان الماضي أجمل ليس بإمكانك إعادته لكن بإمكانك أن تجعل الحاضر أفضل .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
لكن في رأيى ان مراجعة كلنا منا لماضيه
به الكثير من الفوائد لحاضره ومستقبله
فمن لم يتعلم من ماضيه ( حتى ولو قليل ) اشك انه سوف يكرر نفس اخطاءه في حاضره ومستقبله
فكل الدروس والعبر حتى الامثال والحكم جئت لنا من ماضي غيرنا وبها نستفيد حتى الان .
مقال جميل عمرو دائما متألق
وتعقيبا على ماذكرت ،
نحن نحنُّ للماضي لأننا نخاف من وقتنا الآني ، بما فيه من مشاكل ونخاف من المستقبل القادم ؛
لا نعلم ماسيحصل لنا غدا وبعد اسبوع والشهر القادم !!
نظل في حالة قلق من الداخل مع مشاكلنا ونغوص في عملية البحث والإستنتاج على ماسيحدث ولن يحدث !! نتفحصها ونتمعن بها ،
لهذا نحنُّ للعودة إلى الوراء ،
فقط لكون الصورة الماضية مكتملة ومنتهية ونرى ان الآمان والراحة يسودها ...........
" دام قلمك "
عن نفسي لا أتمنى عودته رغم الذكريات الجميلة التي يحملها، ودائما أشعر بشوق لما هو قادم .
وأعتقد، وهذا رأي شخصي، أن من ينظر للمستقبل باشراق فهو شخص متفائل أما الآخر فمتشائم، والأول سينهض بنفسه وبأمته لما فيه خير، والآخر سيظل على جامدا كالجبل لا يتحرك.
ودائما أقول ( بكرة أحلا