محاولة لاستعادة التوازن
عندما فقدت الثقة بنفسي وبالعالم
نشر في 19 ماي 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
من الصعب الكتابة عندما يراقبك الجميع. الخضوع للتقييم مخيف، والنقد يحتاج جهدًا لفهم دوافعه. عندما تفقد الثقة بذاتك تكون قدرتك على الفعل بطيئة وقدرتك على التأثير مشلولة: تتقدم خطوة مع التفاتة متوجسة ثم تتراجع لتراقب الساحة، تراقب إحساسك الداخلي أيضًا بعد هذه المغامرة. تمر أيام ربما شهور أو سنين قبل أن تفكر في إعادة الكَّرة..
يبدون صادقين جدًا بالنسبة إليَّ أولئك الذين يتحدثون بانفعال عن العدو الداخلي ومجاهدة النفس، أخوض فصول هذه المعركة كل يوم. من المؤكد أن الجميع يعايشونها أيضًا، لكنهم يتقدمون، هم إذن ينتصرون؟ أو ربما لا يبالون بالهزيمة.
لطالما واجهت المتاعب لأنني كما يقولون (لست واقعية)، أتحدث عن الخيالات والاحتمالات المستحيلة أكثر من حديثي عن الممكن. منذ طفولتي كنت أتخيل واقعًا مختلفًا عن هذا الواقع حيث لم أرضَ أبدًا عن واقعي:
لماذا يموت الناس وتتعذب الحيوانات ويظلم البشر بعضهم بعضًا؟
أمام التلفاز ومع صمت لا أستطيع تفسيره يشاهد والدي نشرة الأخبار بينما أراقب تعليقاته المقتضبة لأعرف هل ينتصر الأخيار أم أن الغلبة في العالم هي للشر، رأيت أطفالاً يُقنصون و بيوتًا تُقصَف وقاعات مؤتمرات فارهة وثيابًا أنيقة. تمتع الأشرار دائمًا بمظهر جذاب بينما كان البُرآء مُعَفَّرو الوجوه وثيابهم ملطخة بالدماء.
يملك الأشرار وجهًا هادئًا وملامح باسمة، بينما يظهر الأخيار غاضبين ممتقعي الوجوه، حتى جارتنا الكادحة كانت تحظى بزوج لئيم. والألعاب التي أشاهدها في التلفاز لا أحصل عليها أبدًا وأمي تبكي وتكذب بأن عيناها تؤلمانها بينما كان ربما قلبها هو ما يؤلمها ولم يكن أي شيء مفروغًا منه..منذ طفولتي علمت أن الواقع ليس جميلاً لكن دائمًا ما كانت تعذبني قيمي الجميلة التي لم تكن تجد لها سبيلاً إلى الواقع.
أمي تقول إنني بخير، أفتقر فقط لبعض الرضى الذي يمكن بسهولة أن أحصل عليه بتأمل يديَّ ورجليَّ وعينيَّ الذين يفتقدهم آخرون، علي أن أنظر لمن هم أقل حظًا.
ربما المثالية هي مشكلتي التي لم أتخلص منها، وربما هذا الواقع يحتاج حقًا إلى تغيير. لكن في النهاية وكنتيجة لهذا الصراع لم يتغير شيء: لم يتغير الواقع ولم أتغير أنا، وترجمت هذه النتيجة إلى يأس، لكن لم يكن اليأس أسوأ ما حدث لي. أتعرفون الأسوأ؟
ألَّا يفرق الإنسان بين ذاته وأخطائه، أن يهدم دون خطة للبناء.
في مرحلة ، حاولت تطبيق نصائح الناصحين بأن ألتزم الواقع، وكل ما فعلته هو تجاهل طبيعتي الحالمة ثم محاربتها حين لم أستطع التجاهل، وكانت حربًا خاسرة لم أجنِ منها سوى روحٍ مضطربة خائفة، ومع ذلك الشعور بأن أقرب حلفائك قد خانك، وكنت أنا الحليف الغادر. تخليت عن ذاتي حين كان يجب أن أقف دونها محاربة بكل أسلحتي حتى أقنع الجميع بتقبلي كما أنا أو الرحيل غير مأسوف عليهم.
والآن مع محاولة التدارك، أجد صعوبةً في استعادة الثقة، وأجد ضحايا ولا أجد جناةً، ولدي الكثير لأفعله بهذا الشأن.
أيقنت أنني في حاجة إلى الرضى كما تقول أمي، لكن بأي قدر؟ وأي رضى؟
لكني لا زلت أحتاج إلى التغيير أيضًا وقبله إلى تمييز الأخطاء كما أراها لا كما يراها الآخرون.
-
مريم ناصفألاحق تناقضات النفس الإنسانية
التعليقات
صديقتي ليست الدنيا بهذه القتامة ،ما يجعلك يائسة ليس واقعك المر أو أحلامك الحلوة ، بل هي انجازاتك ، إلى أي مدى تنجزين وتحققين ما تريدين خطوة بخطوة ، وأما بالنسبة لتغيير العالم للأفضل ، فهذا شئ لن يحدث أبدا ، غيري نظرتك الى ما حولك ، فلا يعقل ان يكون الكون وما عليه من خلق كما تتمنينه لأجل ارضاء طموحك ،
قومي اليوم ببناء عالمك الخاص، كوني واقعية بجنون مخيلتك ، وابدئي بتحقيق ذلك الجنون بخطوات صغيرة وثابتة ، تحية خاصة لذاتك الرائعة ،
موفقة ..و سأكون بإنتظار مقالك القادم .